وما رواه في من لا يحضره الفقيه (١) في الصحيح عن محمد بن مسلم قال : «سألت أبا جعفر (عليهالسلام) هل صلى رسول الله (صلىاللهعليهوآله) الظهر بمنى يوم التروية؟ فقال : نعم ، والغداة بمنى يوم عرفة».
أقول : وهذه الأخبار كلها كما ترى ظاهرة الدلالة في الوجوب كما هو ظاهر كلام الشيخ المتقدم ، والأصحاب تأولوه بالحمل على شدة الاستحباب ولا يبعد أن مراد الشيخ إنما هو الوجوب حقيقة ، فإن ظاهر هذه الأخبار كلها يساعده. ولا ينافي ذلك لفظ «ينبغي ولا ينبغي» في الصحيحة جميل وصحيحة محمد بن مسلم ، فان استعمال ذلك في الوجوب والتحريم في الأخبار أكثر من أن يحصى كما تقدم بيانه. وليس في شيء من هذه الأخبار أو غيرها ما يؤذن بجواز ذلك له في غير منى. فالقول بالوجوب ليس بالبعيد عملا بظاهرها كما لا يخفى.
أقول : والمراد بالإمام هنا هو من يجعله الخليفة واليا على الموسم لا الإمام حقيقة وإن كان منتحلا.
ويدل على ذلك ما رواه في الكافي (٢) عن حفص المؤذن قال : «حج إسماعيل بن علي بالناس سنة أربعين ومائة ، فسقط أبو عبد الله (عليهالسلام) عن بغلته ، فوقف عليه إسماعيل ، فقال له أبو عبد الله (عليهالسلام): سر فإن الإمام لا يقف».
الثالثة ـ ما تقدم من استحباب الخروج بعد الزوال من يوم التروية
__________________
(١) ج ٢ ص ٢٨٠ والتهذيب ج ٥ ص ١٧٧ والوسائل الباب ٤ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.
(٢) الوسائل الباب ٥ من إحرام الحج والوقوف بعرفة.