بعد ان دل النص الصحيح على ذلك فلا مجال للتوقف فيه. والعلامة (رحمهالله) انما لحظ ذلك لا مجرد قول ابن إدريس. وباعتبار ما ذكرناه يكون من قبيل تعارض الدليلين ، وهو في غير موضع قد جمع بينهما في مثل ذلك بالاستحباب ، وتكلمنا عليه بإمكان الجمع بتخصيص الإطلاق كما هنا ، وهو اولى من الجمع بالاستحباب. وما ذكره العلامة من توجيه كلام ابن إدريس ليس مخصوصا به بل هو ظاهر جماعة من الأصحاب ، كما ذكره في المسالك ، بل ظاهره في المسالك الميل اليه. وهو من ما يؤذن بقوة قوله عندهم ، وليس إلا باعتبار ما وجهناه به.
ثم انه قال في المدارك : واعلم انه ليس في الرواية ولا في كلام من وقفت على كلامه من الأصحاب تعيين لوقت الإمساك صريحا ، وان ظهر من بعضها انه من حين البعث. وهو مشكل. ولعل المراد انه يمسك من حين إحرام المبعوث معه الهدي. انتهى.
أقول : لا يخفى ان ظاهر موثقة زرارة (١) وجوب الإمساك إذا بعث. ثم انه اي إشكال في القول بوجوب الإمساك من حين البعث حتى انه يرتكب التخصيص بحين إحرام المبعوث معه الهدي؟ واي دليل دل على ذلك حتى يفر اليه من هذا الاشكال. بل الإشكال في ما ذكره أعظم ، حيث انه لا دليل عليه بالمرة ولا قائل به بالكلية والقول بوجوب الإمساك من حين البعث هو ظاهر الأصحاب والاخبار اما موثقة زرارة (٢) فهي ظاهرة في ذلك. واما صحيحة معاوية بن عمار (٣)
__________________
(١ و ٢) تقدمت ص ٤.
(٣) تقدمت ص ٥ و ٦.