جهاد متواصل
(وجاهدت وهم محجمون [مجمحون]) :
اللغة : الإحجام ضد الإقدام. أحجم عن الشي : كفَّ عنه ، أو نكص هيبة. يقال : أحجم الرجل عن قرنه ، إذا جبن ، وكفَّ. وجمح : يقال : جمحت المرأة زوجها ، : إذا تركته ، وغادرت بيتها ، ومجمحون : منهزمون في الحرب (١).
والأخذ بكلتا الروايتين مناسب ، فقد كان الإمام علي عليهالسلام يقدم إذا نكص غيره هيبة ، وكفَّ عن القتال ، ويثبت إن انهزموا ، وكانت حياته جهاداً متواصلاً في الله تعالى ، لا ينثني ، منذ أيام شبابه الأولى وحتى لحق بالرفيق الأعلى ، لم يتخلف عن الجهاد وبذل النفس ، يقول عليهالسلام : «لقد نهضت فيها ـ أي الحرب ـ وما بلغت العشرين ، وها أنا ذا قد ذرَّفت على الستين» (٢).
ولئن كان الجهاد سمة اتصف بها خيار الصحابة رضي الله عنهم ، فكانوا يتسابقون لملْ سوح الجهاد دفاعاً عن الإسلام ، فإنَّ في الإمام علي عليهالسلام خصيصة ينفرد بها ، وينماز عنهم ، وهي ثباته حيث يفر الناس ، وإقدامه حين ينكصون ، فهو يرمي بنفسه في لهوات الحرب ، مبتغياً الشهادة ، باذلاً مهجته في الله عزوجل ، مدافعاً عن الدين الحنيف ، لا يهاب الموت ، لأنَّه يبتغي الشهادة ، والسعادة الأبدية.
يدل على ذلك السجل الجهادي للإمام علي عليهالسلام الذي واكب الدعوة منذ انبثاقها ، وما انفك يسايرها في مختلف أدوارها ، فعندما تعرض النبي
__________________
(١) لسان العرب.
(٢) نهج البلاغة ١ / ٧٠.