الحقوق لمن يستحقها وفق سنن العدل التي رسمها الشرع المقدس ، وأقرَّ حدودها ، لا تأخذه في ذلك لومة لائم ، إذ «لا طاعة لمخلوق في معصية الخالق» ، ولا مجال للأخذ برأي أحد مع وضوح حكم الله تعالى ، وصدور أمره ، وكل الناس عند الإمام علي عليهالسلام في ذلك سواء : القريب ، والبعيد ، والصديق ، والعدو.
مدح الله تعالى :
بعد أن استعرض الإمام الهادي عليهالسلام جملة من مآثر جده المرتضى عليهالسلام ، وبيَّن بعض الفضائل التي انماز بها عن غيره من هذه الأمة ، وأكّد أنَّ فضائل جده لا يمكن الإحاطة بها ، كما لا يسع الخصوم مهما بلغوا من العداء والتعصب إخفاءها ، وإحباطها ، انتقل إلى ذكر فضيلة لا تعدلها الفضائل ، ولا تبلغ مداها مهما سمت ، ولا تقاس بها فضيلة غيرها مطلقاً ، ألا .. وهي مدح الله تعالى له ، وقد تحدَّثت عن أهمية مدحه تعالى في موضوع سابق (١) ، والله سبحانه قوله الحق والصدق ، وقد أنبأنا في كتابه المجيد عن مقياس الفضل عنده فقال : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ)(٢) ، فأيّ تقريظ ، وأيّ مدح يبلغ في الفضل مدح الله تعالى؟! أم أيّ مدح يمكن أن يقاس به؟! ومهما عظم المادح ، فإنَّ عظمته تتصاغر ، وتتضاءل أمام عظمة الله تعالى ، بل لا عظمة إلّا عظمته ، ومدحه يغني عن مدح المادحين.
وقد تواتر النقل في نزول بعض آيات الذكر الحكيم في فضل الإمام علي عليهالسلام ، وقد روى الحفاظ عدداً كبيراً من الروايات في نزول آيات من الذكر الحكيم ، وقد
__________________
(١) راجع ص ٢٦١ من هذا الكتاب.
(٢) الحجرات ٤٩ : ١٣.