الْمُعْتَدِينَ)(١). (٢) إنّها الشهامة ، وكرم النفس ، والقلب الطاهر الذي ملأه الإيمان ، فلم يبق فيه مكان للشر والحقد ، بل هو موطن لحب الخير في نفس قدسية ، وتراه يرشد إلى هذا النهج ، فيقول : «إذا قدرت على عدوك ، فاجعل العفو عنه شكراً للقدرة عليه (٣)».
سخطه ورضاه لله عزوجل :
إنَّ سخط المرء لمعصية الله عزوجل ، ورضاه لطاعته ، لا يكون إلّا نتيجة لإيمانه ، وعمق معرفته بالله تعالى ، وهذا الجانب يظهر في سلوك الإمام علي عليهالسلام بوضوح ، من خلال إرشاداته ، ومواعظه ، وما كان يقوم به من حث الناس على الطاعة ، ونهيهم عن المعصية ، في خطبه ، ورسائله ، ووصاياه ، وكلماته الحكمية ، وقد حوى نهج البلاغة أروع نماذج ذلك ، ممّا اختاره الشريف الرضي من كلامه.
أمّا سيرته العملية ، فقد نقل التاريخ لنا نماذج تظهر سخطه لسخط الله تعالى ، ورضاه لرضى الله تعالى ، فهو لا يلتفت في هذا المجال إلى أي اعتبار يصطدم به ذلك ، ولا يقيم له وزناً ، ولم يتأثر به غيره ، من مراعاة القرابة ، والصداقة ، والعلاقات الاجتماعية على حساب تطبيق أحكام الله عزوجل ومن نماذج ذلك :
مواقفه من الأمويين أيام حكم الخليفة الثالث عثمان ، حيث كان في طليعة المنكرين لمخالفاتهم الصريحة للشريعة المقدسة ، كالتلاعب بأموال الأمة ومقدَّراتها ، والاعتداء على أجلاء الصحابة ، بالضرب والنفي ، كما حصل مع عمّار ،
__________________
(١) البقرة ٢ : ١٩٠ ، المائدة ٥ : ٨٧.
(٢) أنساب الأشراف ٥٠٢ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٥٥٨ ، الطبقات الكبرى ٣ / ٣٥.
(٣) نهج البلاغة ٤ / ٤.