عند الباري عزوجل ، فيؤديها بما عهد عنه من إخلاص ، فلا شك أنَّه أحسن الخلق عبادة ، لا يفضله في ذلك سوى الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ولا يختلف زهده عن عبادته في ذلك ، فهو أخلصهم زهادة (١).
ولم يعرف التاريخ رجلاً في الإسلام أكثر جهاداً ، وتضحية ، وذبّاً عن الدين بيده ولسانه ، وقد تقدم الحديث في مواضيع عديدة من هذا الكتاب عن مواقفه الحاسمة في مختلف الحروب والمغازي ، وأثرها في نصرة الدين ، وما ذكر منها جزء يسير من مواقفه ، أمّا ذبّه عن الدين باللسان فقد نقلت الكتب منه ما لا يسع نقله في هذا المختصر.
المارقون :
وكل من حارب الإمام علياً عليهالسلام فهو مارق خارج على الدين ؛ لأنَّه راد على الله عزوجل ، وعلى رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم في تنصيبهما إيّاه للخلافة ، وولاية الأمر ، وقد اختص هذا الاسم بالخوارج ، وعرفوا به دون غيرهم ، لأنَّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم سماهم به ، وهذا من دلائل نبوته ، إذ أخبر عن أمر حدث بعد وفاته بسبع وثلاثين عاماً ، روى أبو سعيد الخدري ، قال : (بينما نحن عند رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وهو يقسم قسماً ، أتاه ذو الخويصرة ـ وهو رجل من تميم ، فقال : يا رسول الله إعدل!. فقال رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم : ويلك ، من يعدل إذا لم أكن أعدل. فقال عمر : ائذن لي فيه ، فأضرب عنقه. قال : دَعْهُ ، فإنَّ له أصحاباً ، يحقر أحدكم صلاته مع صلاتهم ، وصيامه مع صيامهم ، يقرأون القرآن ، لا يجاوز تراقيهم ، يمرقون من الإسلام مروق السهم من الرمية ... إلى أن قال : آيتتهم رجل أسود ، إحدى عضديه مثل ثدي المرأة ، ومثل البضعة
__________________
(١) راجع ص ٢٨٩ من هذا الكتاب.