في رحاب الغدير
يحسن بنا ـ بعد نقل ما حدث يوم الغدير ـ أن نلقي نظرة فاحصة على ما جرى في ذلك اليوم الأغر ، وأن ندرس بدقة كلَّ ما دار فيه ، بدءاً بالإنذار بعدم تبليغ الرسالة ، ومروراً بالخطبة ـ بكل ما حملته من معان بعيدة المرمى ـ وما أنشده حسان بن ثابت من شعر ، ونزول الآية مبشرة بإكمال الدين ، والبيعة التي أعقبت كلَّ ذلك ، وانتهاءً بنزول العذاب على من أنكر الولاية.
هذه الأمور تستدعي الوقوف عندها ، والحديث عنها مفصَّلاً ، ودراستها بدقة ، ولكن طبيعة بحثنا تقتضي أن نقتصر على التعليق عليها باقتضاب ، لأنَّ التوسع فيها يقتضي وضع كتاب مستقل ، لذا نوجز القول عنها في نقاط :
ـ ١ ـ
إنَّ الإنذار الذي حملته الآية الكريمة : (يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ)، يدل على أنَّ ما أمر الله تعالى بتبليغه ضرورة من ضرورات الدين الحنيف ، فالرسالة التي ضحّى الرسول الأعظم صلىاللهعليهوآلهوسلم بكل ما يملكه من أجلها ، منذ بعثته وحتى دنو أجله ، فإنَّ أتعابه طيلة هذه المدة ، وما تحمَّله من أذىً في سبيلها ستذهب سدىً إذا لم يبلّغ هذا الأمر ، وكأنّه لم يفعل شيئاً ، إذ سيبقى التبليغ غير تام ـ كما يفهم من الآية الكريمة ـ وهذا يبيِّن لنا ـ بوضوح ـ أن الولاية امتداد للنبوة ، ومكمِّلة لها في توضيح الأحكام وتبليغها ، وهي أصل من أصول العقيدة ، تتوقف عليها صحة الإيمان.