ـ ٢ ـ
بدأ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم خطبته بحمد الله تعالى ، والثناء عليه ، ثمَّ جدَّد الإقرار بالشهادتين أمام ذلك الجمع الغفير ، وهو يُنْبِؤهم بدنو أجله ، وإنَّه سيرحل عنهم قريباً للقاء الله عزوجل ، ثمَّ أعاد إلى الأذهان أنَّه مسئول ، وأنَّهم مسئولون أمام الله تعالى ، مذكراً إيّاهم ما تحمَّله من مسؤولية تبليغ الرسالة وتطبيقها ، وما تحمَّلوه من مسؤولية الإيمان بها ، والعمل بأحكامها ، فهي أمانة يُسأل الجميع عن أدائها أمام الله تعالى ، كلٌّ بحسب تكليفه.
ثمَّ سألهم عن دوره ، وأدائه للرسالة : ماذا أنتم قائلون؟ فشهدوا له بالتبليغ ، والنصح ، وبذل الجهد ، وجَزَّوه خيراً ، وفي ذلك ما لا يخفى من إقرارهم بالمسؤولية ، وتحمّل الأمانة ، وقيام الحجة عليهم بعد إقرارهم بالتبليغ.
ثمَّ أتبع ذلك بأخذ الإقرار منهم بأصول العقيدة ، تأكيداً لما أقروا به ، فابتدأ بالإقرار بالشهادتين ، ثمَّ الإقرار بالمعاد ، بعد الإقرار بأنَّ الموت والجنة والنار حق ، فأقروا له بذلك ، وقد جدَّد البيعة والإقرار ، ليقرنها ببيعة جديدة ، مكمَّلة لما أقرّوا به من أصول ، وذكَّرهم بالمعاد ، والحساب ، ليعيد إلى أذهانهم أنَّ الوفاء بما أعطوه من عهود ، وما أقرّوا به ، يؤول حسابه إلى الله عزوجل يوم الجزاء ، لذا نراه يبرم هذا العهد والميثاق الذي أقرّوا به مذعنين بإشهاد الله تعالى عليهم.
ثمَّ قال : ألا تسمعون؟. وهذا التنبيه فيه المزيد من إلفات النظر ، وتوجيه السامع للإصغاء ، إذ يفهم من هذا التنبيه أنَّ النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قد وصل إلى هدفه من الخطبة ، وهو ما اُمر به من تبليغ الولاية.
ـ ٣ ـ
أمرهم النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بالتمسك بالثقلين ، وأخبرهم أنَّهما لن يفترقا حتى يردا عليه