أمين الله تعالى وسفيره
(السلام عليك يا أمير المؤمنين ، يا أمين الله في أرضه ، وسفيره في خلقه) :
إنَّ الله عزوجل جعل الأنبياء عليهمالسلام أمناء في الأرض ، فهم المسؤولون أمامه بمقتضى هذه الأمانة عن تبليغ رسالاته إلى أممهم ، وهم خزنة علمه الملزمون بتعليم الناس شرائعه ، وأحكامه التي تنظم لهم أمور دينهم ودنياهم ، وهم الذين يقودون أممهم نحو الخير ، والصلاح ، وما يسعدهم في النشأتين ، وهم السفراء بين الله عزوجل وبين عباده ، عن طريقهم يبلغ العباد ما يهمهم في دينهم ودنياهم من أحكام وتشريعات ، وقد مرَّت الإشارة إلى ذلك في موضوع : محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم خاتم النبيين (١).
ويشارك الأنبياء في ذلك ، ويرثه عنهم أوصياؤهم ، فيتحملون معهم المسؤولية أمام الله عزوجل في تحمل علم الشريعة ، وتبليغها إلى الناس ، فهم أمناء وسفراء من دون وحي ، تتفرع أمانتهم وسفارتهم عن الأنبياء عليهمالسلام.
ولما كان الإمام علي عليهالسلام وصي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومستودع علمه ، ووارثه ، وصاحب سره ، والمرجع للأمة بعده ، ترجع إليه في ما لم تسمع به نصاً جلياً من المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، أو لم تجده في سيرته العملية ، وتقريراته ، أو وجدته ، وجهلت تأويله ، أو جهلت ناسخه ، ومنسوخه ، أو موارد التخصيص ، والتقييد فيه ، وكل ما خفي عليها من أمر.
وقد جرت السيرة العملية للصحابة ـ وفي مقدَّمهم الخلفاء الثلاثة ـ على الرجوع إليه في ما أشكل عليهم ، وجهلوا حكمه ، وبذلك تحمل ذات الأمانة التي
__________________
(١) ص ٥٤ من هذا الكتاب.