لينفق ريعها على الفقراء ، ولم يمنعه الزهد من المطالبة بحقه المغتصب في الخلافة ، كما لم يمنعه من ممارسة مسؤولياته عندما تولاها ، فأقام العدل ، وقضى بين الناس ، وحارب البغاة ، جمع بين دنيا الخلافة ، وبين الزهد ، فلا دنيا الخلافة فتنته ، ليفارق ما كان عليه من الزهد ، ولا الزهد شغله عن مسؤوليات الخلافة ، بل كان كل منهما وظيفة مستقلة يؤديها على أكمل وجه ، فكانت سيرته مصدر خير وعطاء ، وهو رب عائلة يرعى شؤونها ، وهو راعي أمة يدير حياتها السياسية ، والإقتصادية ، والإجتماعية ، ومع ذلك لم يفتتن بشي من بهارجها ، وزخارفها.
إيثار المعوزين :
روى المحدثون والمفسرون قصة نزول سورة الإنسان في أهل البيت عليهمالسلام بصور مختلفة في اللفظ ، متفقة في المعنى ، مع كثرة طرق روايتها (١) ، وإليك ملخصها :
مرض الحسن والحسين عليهماالسلام ، فنذر الإمام علي عليهالسلام أن يصوم ثلاثة أيام إن برئا من مرضهما ، ونذرت البضعة الطاهرة فاطمة الزهراء عليهاالسلام أن تصوم ثلاثاً ، ونذر الحسنان عليهماالسلام أن يصوما ثلاثاً ، وكذلك نذرت خادمتهم النوبية فضة.
برأ الحسنان عليهماالسلام من مرضهما ، فوفا أهل البيت عليهمالسلام وخادمتهم بالنذر ، وصاموا ، فجاء الإمام علي عليهالسلام بثلاثة أصوع من الشعير ، ولم يكن عندهم شي من الطعام سواها.
__________________
(١) أسباب النزول ٢٩٦ ، تفسير القرطبي ١٩ / ١٣١ ، ذخائر العقبى ١٠٢ ، شواهد التنزيل ٢ / ٣٩٤ ، فضائل الخمسة ١ / ٢٥٤ عن عدد من المصادر ، كفاية الطالب ٣٤٥ ، المناقب ٢٦٧ ، نور الأبصار ١١٢ ، ينابيع المودة ١ / ٢٧٩.