لبنة ، ولا قصبة على قصبة ، وإن كان ليؤتى بحبوبه في جراب من المدينة (١).
أمّا الأراضي التي استصلحها الإمام علي عليهالسلام ، فكانت تدر أموالاً طائلة ، إذ بلغت غلتها ـ على ما روي ـ أربعين ألفاً (٢) ، كان ينفقها على الفقراء ، ويؤثرهم على نفسه ، فكان يطعمهم البر ، والرز ، والسمن ، واللحم ، ويطعم اليتامى العسل من ريعها ، وأوصى بأن تكون وقفاً على فقراء المسلمين بعده ، ولم يجعل لورثته منها إلّا ما يكفيهم من طعام ولباس.
وقد شهد له بالزهد رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فقال : «يا علي ، إنَّ الله زيَّنك بزينة لم يتزين العباد بزينة أحب إلى الله منها : الزهد في الدنيا ، فجعلك لا تنال من الدنيا شيئاً ، ولا تنال منك شيئاً ، ووهب لك حب المساكين ، فرضوا بك إماماً ، ورضيت بهم أتباعاً ، فطوبى لمن أحبك ، وصدَّق فيك ، وويل لمن أبغضك ، وكذب عليك ، فأمّا الذين أحبوا وصدقوا فيك ، فهم جيرانك في دارك ، ورفقاؤك في قصرك ، وأمّا الذين أبغضوك ، وكذبوا عليك ، فحق على الله أن يوقفهم يوم القيامة موقف الكذابين» (٣).
اختيار الله تعالى له عليهالسلام :
الناس كلهم عباد الله تعالى ، وكلهم مشمولون برعايته ورحمته ، والعلاقة بين العبد وربِّه تتفاوت من فرد إلى آخر ، إذ يحددها العبد بتقواه ، ومدى إطاعته لله
__________________
(١) تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٤٨٢.
(٢) أنساب الأشراف ١١٧ ، البداية والنهاية ٧ / ٣٦٨ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٣٧٥ ، مسند أحمد ١ / ١٥٩.
(٣) أسد الغابة ٤ / ٢٣ ، تاريخ مدينة دمشق ٤٢ / ٢٨٢ ، كفاية الطالب ١٩١ بمعناه.