رواية عبد الله بن مسعود :
قال : أول شيء علمت من أمر رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، قدمت مكة في عمومة لي ، فأرشدنا على العباس بن عبد المطلب ، فانتهينا إليه ، وهو جالس إلى زمزم ، فجلسنا إليه ، فبينا نحن عنده ، إذ أقبل رجل من باب الصفا أبيض تعلوه حمرة ، له وفرة ، جعد إلى أنصاف أذنيه ، أشم ، أقنى ، أذلف ، برّاق الثنايا ، أدعج العينين ، كثِّ اللحية ، دقيق المسربة ، ششن الكفين والقدمين ، عليه ثوبان أبيضان ، كأنَّه القمر ليلة البدر ، يمشي على يمينه غلام أمرد ، حسن الوجه ، مراهق ، أو محتلم ، تقفوهم امرأة قد سترت محاسنها ، حتى قصد نحو الحجر ، فاستلمه ، ثمَّ استلم الغلام ، ثمَّ استلمت المرأة ، ثمَّ طاف بالبيت سبعاً ، والغلام والمرأة يطوفان معه ، ثمَّ استلم الركن ، ورفع يديه ، وكبر ، وقام الغلام عن يمينه ، ورفع يديه ، وقامت المرأة خلفهما ، فرفعت يديها ، وكبرت ، وأطال القنوت ، ثمَّ ركع ، فأطال الركوع ، ثمَّ رفع رأسه من الركوع ، فقنت وهو قائم ، ثمَّ سجد ، وسجد الغلام والمرأة معه ، يصنعان مثل ما يصنع ، ويتبعانه.
قال : فرأينا شيئاً لم نكن نعرفه بمكة ، فأنكرنا ، فأقبلنا على العباس ، فقلنا : يا أبا الفضل ، إنَّ هذا الدين لم نكن نعرفه فيكم ، أشيء حدث؟. قال : أجل ، والله ، أما تعرفون هذا؟. قلنا : لا ، قال : هذا ابن أخي محمد بن عبد الله ، والغلام علي بن أبي طالب ، والمرأة خديجة بنت خويلد ، أمَ والله ما على ظهر الأرض أحد يعبد الله على هذا الدين إلّا هؤلاء الثلاثة (١).
__________________
(١) البداية والنهاية ٦ / ٢١ ، تاريخ مدينة دمشق ٣ / ٢٦٥ ، ٣٣ / ٦٧ ، شرح نهج البلاغة ١٣ / ٢٢٥ ، شواهد التنزيل ٢ / ٣٠١ ، كنز العمال ٣ / ٤٦٧ ، المعجم الكبير ١٠ / ١٨٣ ، المناقب ٥٦.