مقاطعة قريش ، وحوصروا معه في الشعب ، ولم يكونوا قد أسلموا جميعاً ، بل كان بعضهم غير مسلمين ، وقد صرّح بذلك الإمام علي عليهالسلام في كتابٍ أرسله إلى معاوية ، يقول فيه : «فأراد قومنا قتل نبيِّنا ، واجتياح أصلنا ، وهمّوا بنا الهموم ، وفعلوا بنا الأفاعيل ، ومنعونا العذب ، وأحلسونا على الخوف ، واضطرونا إلى جبلٍ وعر ، وأوقدوا لنا نار الحرب ، فعزم الله لنا على الذب عن حوزته ، والرمي من وراء حرمته ، مؤمننا يبغي بذلك الأجر ، وكافرنا يحامي عن الأصل» (١).
أمّا الإمام علي عليهالسلام فسيرته تدل على أنَّه كان يريد وجه الله تعالى ، ويجاهد في سبيله بصبر وثبات على سلامة من دينه ، وبصيرة من أمره ، وتحت راية رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، صابراً على ما أصابه من المحن والآلام ، محتسباً ذلك على الله لأنّه عزوجل ينصر دينه ، ويدافع عن نبيه.
أول من آمن وصلى :
مرّ بنا في موضوع : (أول المؤمنين) أنَّ الإمام علياً عليهالسلام كان في الغار مع الرسول المصطفى صلاللهعليهوآلهوسلم عند نزول الوحي فرأى معه ما رأى ، وسمع ما سمع ، فآمن به ، وصدَّقه ، وكانت الصلاة أول العبادات التي نزل بها الوحي ، في وقتٍ كان الدين الجديد مقتصراً عليهما ، وعلى خديجة بنت خويلد عليهاالسلام ، فكانوا يؤدون الصلاة متكتّمين ، لا يؤدّيها معهم أحد ، والأحاديث التي نصّت على أنَّه أول من صلّى كثيرة ، تنقل منها على سبيل المثال :
عن حبّه بن جوين ، عن علي عليهالسلام ، قال : «ما أعلم أحداً من هذه الأمة بعد نبيها
__________________
(١) نهج البلاغة ٣ / ٨.