رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم وإلى هذا اليوم.
وإذا كانت النصوص في ذلك كثيرة متظافرة ، واضحة الدلالة ، ولا تقبل التأويل ، ولا تحتمل التمحّل ، فإنَّ علماء الشيعة من الصدر الأول جارَوا خصومهم تنزلاً عن الدليل القطعي الصدور ، فأضافوا إلى أدلة الكتاب والسنة جملة من الأدلة العقلية التي لا يمكن ردّها ، يجمعها عنوان واحد ، وهو أنَّ الإمام علياً عليهالسلام ـ كما تدل سيرته ـ تجتمع فيه جميع مؤهلات الخلافة ، وهو أفضل المؤمنين علماً وعملاً ، فلا وجه لتقديم غيره عليه.
ولكن الذي لا ينقضي له الأسف هو أنَّ كثيراً من المسلمين جحدوا ذلك مع وضوحه ، وأعرضوا عن تلك الأدلة ـ عقلية كانت أم نقلية ـ مع علمهم بها ، وفهمهم لما تضمنته ، وعدم وجود ما هو أقوى منها سنداً ودلالة ، فأقصوه عن الخلافة التي نصبه فيها الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم بأمر من الله عزوجل ، وليتهم اكتفوا بذلك ، ولم يسوّدوا صفحات التأريخ بما اقترفوه في حقه وحق أهل البيت عليهمالسلام من بعده ، مما يندى له الجبين ، وتمجه الأسماع ، وتشمئز منه النفوس ، وتتفطر له الأكباد أسىً.
فَدَك والمطالبة بها :
أمّا فدك فقد تصالح أهلها مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فسلموها له صلحاً ، وكانوا قوماً من اليهود أرعبهم ما رأوا من شوكة الإسلام ، بعد نقض اليهود عهودهم ، حيث هزم يهود خيبر ، وسقطت حصونها ، فخافوا أن يصيبهم ما أصاب يهود خيبر.
وعلى هذا فملكية فدك خالصة لرسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، لا حقَّ لأحدٍ من المسلمين فيها ، لأنَّه أخذها صلحاً بدون حرب ، وقد نحلها لسيدة النساء الصديقة الطاهرة فاطمة الزهراء عليهاالسلام ، بعد أن نزل الذكر الحكيم يأمره بذلك في قوله تعالى : (وَآتِ