تعالى ، وابتعاده عن نواهيه ، فهي علاقة متينة بين من تحصّن بالتقوى من العباد ، وازداد منها ، وبين الله عزوجل ، وكلما ابتعد العبد عن التقوى ، كانت علاقته بربِّه واهية ، قال تعالى : (إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِندَ اللَّـهِ أَتْقَاكُمْ)(١).
أمّا إذا كان العبد لا يخالف الشريعة مطلقاً ، بل ويحدد جميع تصرفاته وفق أحكامها ، فلا تفوته طاعة ، ولا يقترف معصية ، فلاشك أنَّ الله عزوجل يرفعه إلى درجة سامية رفيعة ، فيكون ممن اختاره.
والإمام علي عليهالسلام ـ كما هو معروف من سيرته ـ قضى عمره الشريف في طاعة الله عزوجل ، فلم يعصه طرفة عين ، وقد نال درجة العصمة التي شهد له بها الذكر الحكيم ، مخلصاً لله تعالى مقتفياً أثر رسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، فكان بذلك هادياً ، مهدياً ، اختاره الله عزوجل ، فأيده بتوفيقه ، وهداه إلى الصراط المستقيم ، ونصر به دينه القويم ، واصطفاه ، فأذهب عنه الرجس ، وأخلصه من كل دنس ، فكان نفس محمد صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ووليه ، ووصيه ، وكما اختاره الله عزوجل للرسالة ، اختار علياً عليهالسلام لخلافته ، وجعله منه بمنزلة هارون من موسى.
استقامة علي عليهالسلام :
إن التناقض في الأفعال ، والإختلاف في الأقوال ، وتقلب الأحوال من النتائج الحتمية لتغلب الهوى على الإنسان ، فمن يتغلب هواه على تقواه ، نراه يفعل اليوم ما كان يعده بالأمس جريمة ، وكثير من ولاة الأمور يطبقون الأحكام بحزم إذا لم تتضارب مع مصالحهم الشخصية ، ثم نراهم بعد ذلك يخالفونها متذرعين بعلل شتى ، ومن أمثلة ذلك غض النظر عن المخالفة إذا ارتكبها قريب برحم ، أو
__________________
(١) الحجرات ٤٩ : ١٣.