دين الله القويم
(السلام عليك يا دين الله القويم ، وصراطه المستقيم) :
يتبين لنا من سيرة الإمام علي عليهالسلام أنَّه لم يُصَبْ بأدران الجاهلية ؛ إذ ولد في الكعبة المقدسة ، وانتقل منها إلى بيتٍ أهلُه يعبدون الله على دين جدهم إبراهيم الخليل عليهالسلام ، وكفله الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم منذ نعومة أظفاره ، فتربى في حجره الطاهر ر ، وانطبع بمزاياه ، واحتذى مثاله ، فكان التزامه بالشريعة وأحكامها التزاماً قوياً لا يحيد عنها قيد شعرة ، وهو القائل : «فَوَ الله لو أعطيت الأقاليم السبعة بما تحت أفلاكها على أن أعصي الله في نملة أسلبها جِلب شعيرة ما فعلت» (١). كان يجسد الإسلام عملاً ، فهو في أقواله وأعماله وتقريراته يطابق أوامر الإسلام ونواهيه.
نعطف على ما تقدم ما ورد في شأنه في الكتاب والسنة من الأحكام التي يسأل عنها العباد ، وهي جزء لا يتجزأ من الدين وأحكامه ، فبولايته أكمل الله الدين ، وأتم النعمة على الأمة ، ورضي لها الإسلام ديناً ، وهي ممّا يسأل عنه يوم القيامة ، وحبه فرض واجب ، وهو علامة الإيمان ، وبغضه علامة النفاق ، ومحبه محب لله عزوجل ، ولرسوله صلىاللهعليهوآلهوسلم ، ومبغضه مبغض لهما بنص الحديث النبوي الشريف ، قال عليهالسلام : «عهد إلي النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم أن لا يحبك إلّا مؤمن ، ولا يبغضك إلّا منافق» (٢).
__________________
(١) نهج البلاغة ٢ / ٢١٨ ، وجلب الشعيرة (بكسر الجيم) : قشرتها.
(٢) أسد الغابة ٤ / ٢٦ ، تاريخ بغداد ٨ / ٤١٦ ، ١٤ / ٤٢٦ ، تاريخ مدينة دمشق ٣٨ / ٣٤٩ ، ٤٢ / ٢٧١ ، سنن الترمذي ٥ / ١٣٧ ، ٦ / ٥٣٤ ، مسند أحمد ١ / ٩٥ ، ١٢٨.