خطبته الشقشقية : «أما والذي فلق الحبة ، وبرأ النسمة ، لو لا حضور الحاضر ، وقيام الحجة بوجود الناصر ، وما أخذ الله على العلماء أن لا يقاروا على كظة ظالم ، ولا سغب مظلوم ، لألقيت حبلها ـ أي الخلافة ـ على غاربها ، ولسقيت آخرها بكأس أولها ، ولألفيتم دنياكم هذه أزهد عندي من عفطة عنز» (١).
أعلن عليهالسلام عن تحمله المسؤولية في خطاب وجهه إلى الناس في المسجد النبوي الشريف ، أوضح فيه الخطوط العريضة ليساسته التي سنتهجها ، ليعلم الجميع على أيَّة شروط يبايعون ، قال عليهالسلام : «دعوني ، والتمسوا غيري ، فإنّا مستقبلون أمراً له وجوه وألوان ، لا تقوم له القلوب ، ولا تثبت عليه العقول ، وإنَّ الآفاق قد أغامت ، والمحجة قد تنكرت ، واعلموا أنّي إن أجبتكم ركبت بكم ما أعلم ، ولم أصغ إلى قول القائل ، وعتب العاتب ، وإن تركتموني فأنا كأحدكم ، ولعلّي أسمعكم ، وأطوعكم لمن وليتموه أمركم ، وأنا لكم وزيراً خير لكم مني أمير» (٢) ، وفي خطبته هذه بيان واضح ، وإشارة إلى الأوضاع الفاسدة التي كانت سائدة في الدولة الإسلامية ، والتي أدت إلى الفتنة التي كان فيها مصرع الخليفة ، وبيان واضح لما يعزم انتهاجه مما لا تستسيغه النفوس المريضة ، فصارحهم بأنَّ إمارته لا تفارق الحق ، وبديهي أنَّ الحق مُرٌّ عند ذوي الأطماع.
البيعة للإمام علي عليهالسلام :
كان طلحة أول من بايع الإمام علياً عليهالسلام بعد قبوله تولي الخلافة (٣) ، ثم بايعه
__________________
(١) نهج البلاغة ١ / ٣٦.
(٢) نهج البلاغة ١ / ١٨١.
(٣) أنساب الأشراف ٢٠٧ ، الإمامة والسياسة ١ / ٤٧ ، تاريخ الأمم والملوك ٣ / ٤٥٦.