تمهيد
يوم الغدير وحجّة الوداع (١) :
خرج النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من المدينة المنورة متوجهاً إلى الحج ، وخرج معه أهل بيته عليهمالسلام ، والمهاجرون ، والأنصار ، وجمهور من قبائل العرب ، وهي الحجة الوحيدة التي أداها بعد الهجرة ، وقد سميت حجة الوداع ؛ لأنَّها كانت قبيل وفاته في السنة العاشرة للهجرة ، وكان قد أعلم الناس بقرب أجله ، ودعاهم للحج معه ، ليعلِّمهم مناسك الحج ، وأحكامه ، ويبلغهم أحكام دينهم.
قُدِّر عدد من خرج مع النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم من المدينة المنورة بين تسعين ألفاً ، وبين مائة وأربعة وعشرين ألفاً ـ على اختلاف الروايات ـ ولا يدخل في هذا العدد من حضر الموسم من أهل مكة ، ومن قصد مكة من بلاد أخرى كاليمن.
أدّى النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم مناسك الحج ، وخطب الناس خطباً عديدة ، علَّمهم فيها معالم دينهم ، ومناسك حجهم ، وبعد أن أنهى مناسك حجه ، وبلَّغهم ما أُمر بتبليغه ، عزم على العودة إلى دار هجرته ، فخرج صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وخرج معه أهل بيته عليهمالسلام ، والمهاجرون ، والأنصار ، وسائر من حضر الموسم ، وعندما بلغ (غدير خم) قريباً من الجحفة ـ وهي مفترق طرق إلى شتى البلاد ـ جاءه بالوحي بالآية الكريمة :
(يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيْكَ مِن رَّبِّكَ وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللَّـهُ يَعْصِمُكَ مِنَ
__________________
(١) بتصرف وتلخيص عن : كتاب الغدير ١ : ٢٧ ـ ٣٠.