التزامه بالعهود :
عهد الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم إلى الإمام علي عليهالسلام بكل ما جاءه من السماء من أسرار الرسالة ، وأحكامها ، وآدابها ، فقال فيه ـ كما مر ـ : «صاحب سري علي بن أبي طالب» ، وكانت سيرته معه تختلف عنها مع غيره ، إذ كان يبلغ الأحكام للمسلمين حسب الحاجة إليها ، ويختص الإمام علياً عليهالسلام ، فيخلو به ، ويبلغه كل ما جاء به الوحي ، يقول عليهالسلام : «كنت إذا سألت رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم أعطاني ، وإن سكت ابتداني (١)» ، وكان ذلك إعداداً له ، ليتحمل المسؤولية بعده ، إذ قال له ـ كما مر ـ : «وأنت تبين لهم ما اختلفوا فيه من بعدي».
وقد عمل بكل ما عهد به إليه بدقة وعناية تفوقان التصور ، مقتفياً بذلك أثر أخيه المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، حيث يبدأ بنفسه في تطبيق ما يعهد به إليه ، راعياً ما استحفظ من أحكام.
وقد علمه النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ما أخبره به الوحي من الأمور الغيبية ، وهي من الدلالات على صحة نبوته ، ومن أسرار الرسالة التي لا يتحملها كل أحد ، فلا يمكن الإعلان عنها إلّا في الوقت المناسب ، فكان الإمام علي عليهالسلام يعلن عن بعضها كلما دعت الحاجة للإعلان ، وقد أخبر عن جملة من الأمور الغيبية ، حدث بعضها في حياته بعد إخباره بها بمدة ، بينما حدث البعض الآخر منها بعد وفاته بمدة طويلة ، وفي كلا الحالين كان الأمر كما أخبر.
ومن أمثلة ما أخبر به في حياته ، قوله لمن أخبره بعبور الخوارج النهر في حرب النهروان : «والله ما عبروه ، وإنَّ مصارعهم لدون النطفة ـ أي النهر ـ» (٢) ،
__________________
(١) كفاية الطالب ٢٢٤.
(٢) شرح نهج البلاغة ٢ / ٢٧٢.