المواقف المشهودة
«ولك المواقف المشهودة ، والمقامات المشهورة ، والأيام المذكورة» :
الإمام علي عليهالسلام أول المجاهدين في سبيل الله تعالى من هذه الأمة ، ومواقفه في الحروب والغزوات التي جرت بين المسلمين والمشركين ، ثم بينهم وبين اليهود ، كانت حازمة وحاسمة ، وقد شهدها وشهد بها الأعداء والموالون على حد سواء ، واشتهرت بين الناس على مدى التأريخ.
وعندما نتحدث عن المواقف البطولية للإمام علي عليهالسلام فإنَّ حديث البطولات عنه لا يعني طغيان الروح العسكرية ، وما نعهده عند غيره ممَّن عرف بالبطولة والإقدام والشجاعة ، وإذا كانت البطولات تقترن بروح شريرة ، تدفع صاحبها إلى الفتك ، وارتكاب الفضائع بأبشع صورها ، فإنَّ الهدف المادي ، والعصبية العمياء كانا هما الدافعان للغزو ، ولا مانع من إظهار البطولة بأي أسلوب من الوسائل الدنيئة ، وارتكاب الجرائم الموبقة ، والخروج على المبادئ الإنسانية النبيلة.
ولكننا نجد للبطولة مظهراً ومفهوماً عند الإمام علي عليهالسلام يختلف عنه عند غيره ، لأنَّ البطولة مظهر من مظاهر إيمانه الصادق ، وهي تتفرع عن مبادئه السامية ، فلا اعتداء ، ولا تخريب ، ولا خروج على المبادئ الإنسانية السامية ، التي أقرها الدين الحنيف ، وإذا صح لنا أن نضرب مثلاً للجهاد المقدس الذي خاضه الوصي عليهالسلام ، فهو كالطبيب الذي يعالج عضواً أصيب بمرض عضال ، فإن تعسر عليه شفاؤه ، وأيس منه ، بتره لضمان سلامة الجسد ، كي لا يسري الداء إليه.
لقد وقف عناة المشركين واليهود حجر عثرة في طريق إنقاذ البشرية من