الضلال ، والأخذ بيدها إلى السعادة في الدارين ، وحاولوا بكل جهد الإجهاز على النبي المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ؛ لإعاقته عن انتشال البشرية من الهوَّة السحيقة التي وصلت إليها ، فأعلنتها حرباً شعواء لا هوادة فيها عليه وعلى أتباعه الذين أنقذهم الله تعالى به من الضلال ، فكان وجود هؤلاء خطر جسيم على الإنسانية ، لابد من علاجه بدعوتهم إلى الصراط القويم ، فإن تعسر ذلك ، فالمناجزة للتخلص منهم ودفع خطرهم عن البشرية.
وقد ظهر ذلك واضحاً جلياً في جهاد الإمام علي عليهالسلام لخصوم الإسلام ، إذ تعامل معهم على أساس إنساني فريد ، استقاه من أخلاق الدين الإسلامي الحنيف ، وتعليماته ، فكان رائده الإصلاح ، وإنقاذ خصمه من هوة الضلال ، فيبدأ بدعوته إلى الله عزوجل لينقذه ، وليجنِّبه كل سوء ، وليضمن له السعادة ، فإن أخفق ، وأصرَّ على عناده ، جاء دور المناجزة ، ولكنه يتعامل مع من يناجزهم الحرب معاملة البَر الرحيم ، فلا يجهز على جريح ، ليزيده ألماً على ألمه ، ولا يتبع هارباً ليزيده رعباً على ما به من الهلع وآلامه ، بل يتركه وشأنه ليراه أفراد العدو هارباً ، فيصيبهم الوهن ، ويقتفي أثره الضعاف منهم ، وتصبح الهزيمة أمر لا مناص منه.
بهذا الخق الرفيع ، وبهذه النظرة الإنسانية التي هي من آداب الإسلام ، مارس الإمام علي عليهالسلام البطولات ، فكان مثالاً يجب أن يحتذى به ، وقد أعطى للأجيال درساً رائعاً في التضحية والفداء ، وفي السلوك الرسالي الذي ينسجم مع الأسس القويمة للدين الحنيف في جميع الأحوال ، لا يتخلف عنها في أحلك الظروف ، وأحرجها.
والحديث عن بطولات الإمام علي عليهالسلام يحتاج إلى بحث مفصل ، لا يسعه هذا الموجز ، لذا نكتفي بما اُشير إليه ، وننتقل إلى ما أشارت إليه الزيارة من تلك المواقف البطولية :