فقال : يا أمير المؤمنين ، هب لي يدي بجرمي ، لا دنياً أصبت ، ولا آخرة. فضحك علي ، ثمَّ قال : أنت منهما على رأس أمرك ، إنَّما يأخذ الله العباد بأحد الأمرين) (١).
ولننقل تقييم ما ظهر على ألسن من حاولوا النيل من الإمام علي عليهالسلام والطعن عليه ، من رجل لا يؤمن بولايته ، فقد روى ابن عبد ربّه عن الرياشي ، قال : (انتقص ابن لحمزة بن عبد الله بن الزبير علياً ، فقال له أبوه : يا بني ، إنَّه ـ والله ـ ما بنت الدنيا شيئاً إلّا هدمه الدين ، وما بنى الدين شيئاً فهدمته الدنيا ، أما ترى علياً ، وما يظهر بعض الناس من بغضه ، ولعنه على المنابر ، فكأنَّما ـ والله ـ يأخذون بناصيته رفعاً إلى السماء؟!. وما ترى بني مروان ، وما يندبون به موتاهم من المدح بين الناس ، فكأنَّما يكشفون عن الجيف) (٢).
من خصائص علي عليهالسلام :
مرّ الحديث عن عبادة الإمام علي عليهالسلام في موضوع مستقل (٣) ، وقلت : أنَّ كل عمل من شأنه إسعاد الناس في الدنيا والآخرة ، فهو عبادة ، إذا أريد به وجه الله تعالى ، وأعطف على ما تحدثت عنه هناك : أنَّ الإمام علياً عليهالسلام بمعرفته التامة بأحكام الشريعة ، وتعليماتها ، ولفهمه للعبادات فهماً سليماً يخلو من كل شائبة ، ولأنَّه أخذ ذلك من أسلم طرقه ، حيث تربى في حجر المشرع ، وتعلم من الرسول الأمين صلىاللهعليهوآلهوسلم فكان من بعده مرجع الأمة في ذلك ، وإمامها الذي يجب عليها الإقتداء به ، لذلك فهو يتوخى من العبادة أفضلها ، وأكثرها أهمية ونفعاً ، وأفضلها
__________________
(١) الإمامة والسياسة ١ / ١٠١.
(٢) العقد الفريد ٥ / ٩٢.
(٣) ص ١١١ من هذا الكتاب.