المواقف ، وأصعب المحن ، فكل سيرته أمثلة رائعة ، ودروس بليغة لصبره وأناته ، وحسن تصرفه في مواجهة المشكلات والصعاب ، ولا فرق في ذلك بين ما حلَّ به في السلم أو الحرب ، وعندما زوي عنه حقه في الخلافة ، أو عندما ألقت إليه زمامها ، وعندما كان يرى الأمور تسير على ما يرام ، أو عندما احلولك الأفق ، وتعثَّرت مسيرة الخلافة ، فأثيرت الفتن ، وبدا أنَّ عاصفة هوجاء تعصف بكيان الأمة ، وهي تريد أن تمحق كل ما تبقى لديها من المثل والأخلاق الكريمة ، وقد تقدم الحديث عن صبره في موضوع : (صبر علي عليهالسلام) (١).
العادل في الرعية :
القسمة بالسوية ، والعدل في الرعية ، من الأمور التي يصعب على الحاكم الإلتزام بها ، ورعايتها ، لأنَّهما يصطدمان بميله النفسي إلى أقربائه ، وأحبائه ، وكل إنسان ـ في العادة ـ يفضِّل ذويه ومحبيه بصورة غريزية ، لا إرادية ، فيجد نفسه مدفوعاً إلى ذلك التفضيل شاء أم أبى ، ولا يتحلل من هذا الميل إلّا من اتصف بنكران الذات ، وروَّض نفسه على مخالفة الهوى بتقواه ، وإيمانه ، وثباته على العقيدة.
وهنا ترجح كفة الإمام علي عليهالسلام رجحاناً يجعل العدل والقسم بالسوية مقترنين باسمه ، لا ينفكان عن صفاته ومكارمه بحال .. فالذي لا يفضل نفسه على غيره في العطاء ، كيف ينتظر منه أن يفضل قريباً على بعيد؟! أم كيف يفضل صحابياً على آخر ، أو على تابعي؟! أم كيف يفضل عربياً على مولى؟!. الكل عنده في شرعة الحق سواء ، «وكلهم لآدم ، وآدم من تراب» ، و «لا فضل لعربي على
__________________
(١) راجع ص ١٢٥.