نرجع؟!. أليس الله تعالى قد قال : * (أَوْفُوا بِالْعُقُودِ)(١) *؟!. وقال : * (وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللَّـهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلَا تَنقُضُوا الْأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللَّـهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلًا إِنَّ اللَّـهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ)(٢) *» (٣).
بين الهدى والضلال :
كان الإمام علي عليهالسلام على بصيرة من أمره ، لأنَّه يسير على نهج الرسول المصطفى صلىاللهعليهوآلهوسلم ، يقتفي أثره ، ويهتدي بهداه ، لذا فإنَّه لم يفارق الصواب قط ، ولم ينحرف عن الحق في جميع تصرفاته ، فهو يتمسك بحقه الشرعي ، ويدلي بحجة قوية واضحة ، لا يسع أحدٌ ردَّها ؛ لذا فإنَّه لم يشك في موقفه لحظة واحدة ، ولم يمسك عن القتال لشبهة علقت في ذهنه ، ولا لشك عرض له ، بل اضطر لأمرٍ لا مناص له من قبوله ، فقبله على مضض ، وأعلن للملأ خطأ ما ألجأوه إليه ، والمخاطر التي تترتب على ذلك الخطأ ، ونبَّههم إلى أنَّهم خُدعوا بدعوة ضلال ، ودعاهم إلى التمسك بما هم عليه من الحق ، والإستمرار بالقتال ، ولكن القوم أعماهم جهلهم ، ورسخت الشبهات في أذهانهم ، وخدعتهم مكيدة معاوية ، وابن العاص ، فتمسكوا بدعوة الضلال ، وتمردوا على إمام الحق والخليفة الشرعي ، ولم يعوا نصحه ، ونصح صفوة أصحابه المؤمنين من الصحابة والتابعين ، ثم جاءوه يطلبون منه نقض العهد بعد إبرامه وتوكيده ، وهل هذا إلّا ضلال وعمى؟!.
وعندما بدأت الهدنة ، دفن الناس قتلاهم ، ونادى منادي الإمام علي عليهالسلام
__________________
(١) المائدة ٥ : ١.
(٢) النحل ١٦ : ٩١.
(٣) وقعة صفين ٥١٣.