والثبات ، فيسلّم أمره إلى الله تعالى ، معتقداً أنَّ المخرج بيده ، وهو المعين على تجاوز الصعاب ، والأمور كلها خاضعة لقدرته وإرادته ، وهو العالم بالمصالح ، فلا راد لحكمه ، وهو أحكم الحاكمين.
وكل المؤمنين من الصنف الثاني ، وإن اختلفوا في درجات الصبر والتحمل كل حسب إيمانه ، ويتحلى الأنبياء وأوصياؤهم بأعلى درجات الصبر والتحمل ، فإبراهيم أبو الأنبياء ، وابنه إسماعيل عليهماالسلام قد مرّا باختبار صعب ، يعتبر أشد الإختبارات صعوبة ، وعسراً ، وإيلاماً للنفس.
بين إسماعيل عليهالسلام وعلي عليهالسلام :
اُمر إبراهيم بذبح ولده إسماعيل عليهماالسلام ، فاستدعاه ، وأبلغه بما أمر الله تعالى فيه ، فلم يجد منه سوى التسليم والإمتثال ، فقد استجاب إسماعيل عليهالسلام لأمر الله تعالى بكل رحابة صدر ، لم يتردد ، ولم يرهبه الموت ، ما دام ذلك استجابة لأمر الله تعالى ، وإرادته ، وهو الذي اختار له هذه الميتة ، وفيها رضاه.
ووقف إسماعيل عليهالسلام ينظر إلى أبيه نظرة وداع وهو يشحذ مديته ، منتظراً بثبات ورباطة جأش تنفيذ ما أمر الله تعالى به ، وأضجعه أبوه على الأرض ، ووضع المدية على رقبته ، ليفرغ من تكليفه الشرعي ، ولكن المدية لم تصنع شيئاً ، فقد شاءت إرادة الاله عزوجل أن ينجي إسماعيل من مدية أبيه ، بعد أن مرّا باختبار حققا فيه أعلى درجات الطاعة لله تعالى والإذعان لحكمه ، ففداه الله بذبح عظيم ، وامتثل إبراهيم أمر ربه مرة أخرى ، فرفع المدية عن رقبة إسماعيل ، وانجلت بذلك محنتهما ، وبقيت قصتهما هذه عبرة ، تحدث بها الذكر الحكيم ، يتلوها المؤمنون ليل نهار ، ليتعلموا منها أنَّ أمر الله عزوجل فوق كل اعتبار ، وأنَّه يجب تنفيذه بدون تردد ،