الحوض يوم القيامة ، وأنَّ التمسك بهما يعصم من الضلال ، وأمرهم بعدم التقدم عليهما ، أو التأخر عنهما ، لأنَّ ذلك ـ على حدٍّ سواء ـ يؤدي إلى الهلاك ، وهذا يستفاد منه أمور عديدة :
منها : أنَّ الكتاب والعترة باقيان ما بقي الدهر ، إلى أن يردا عليه الحوض يوم القيامة ، وهذا يقتضي وجود إمام قائم بالأمر من العترة الطاهرة عليهمالسلام في كل زمان.
ومنها : أنَّ المرجع من بعده في أمور الدين والدنيا : الكتاب العزيز ، والعترة الطاهرة ؛ لأنَّ العترة هم خزنة علم الكتاب ، وتراجمة الوحي الذين يجب الرجوع إليهم في فهم الكتاب العزيز وتفسيره.
ومنها : أنَّ العترة الطاهرة لمّا كانوا ملازمين للكتاب العزيز الذي (لَّا يَأْتِيهِ الْبَاطِلُ مِن بَيْنِ يَدَيْهِ وَلَا مِنْ خَلْفِهِ (١))، فهم معصومون بمقتضى هذا الحديث الشريف الذي أخبر بملازمتهم له ، ولأنَّ من لا عصمة له ، لا يعصم من الضلال لأنَّ فاقد الشي لا يعطيه.
والإمام علي عليهالسلام سيد العترة الطاهرة ، وأبوهم ، وكل ما يستفاد من الحديث ينطبق عليه أوَّلاً ، لذا كان تمهيد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم بحديث الثقلين مناسباً لتنصيبه للولاية العامة في خطبة الغدير.
ـ ٤ ـ
ناشد النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم ذلك الحشد من المسلمين : مَن أَولى بكم من أنفسكم؟. فقالوا : الله ورسوله أعلم ، وبعد هذه المناشدة ، أعلمهم بأنَّ الله عزوجل هو مولاه ، وأنَّه صلىاللهعليهوآلهوسلم مولى المسلمين ، وهو أولى بهم من أنفسهم ، ثمَّ قال : «فمن كنت مولاه فعلي مولاه» ، ليلفت أنظارهم إلى أنَّ ولاية الإمام علي عليهالسلام هي عين ولايته ،
__________________
(١) فصلت : ٤٢.