يخشين من نتائجها ، أو لسرقة مالية ، أو لأوضاع نفسية قلقة ، أو أنه وليد التزام ديني عميق لم يكن يملكن الامتداد فيه ولا الثبات عليه هناك ، وكنّ يستحلفن «ما خرجت من بغض ولا رغبة عن أرض إلى أرض ولا التماس دنيا وما خرجت إلا حبا لله ولرسوله» (١).
(اللهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَ) فهو الذي يعرف عمق الفكرة الإيمانية لدى المؤمن ، فلا يحتاج إلى اختباره وامتحانه من أجل المعرفة ، بل إن المسألة هي إيكال أمر المعرفة إلى المجتمع المسلم ليحدد موقفه على ذلك الأساس ، في ما يريد أن يتحمله من المسؤولية. وهكذا نلاحظ أن الله لم يقم موقف المجتمع المسلم من الأحداث الخفية على أساس الغيب ، في ما يوحي به إلى نبيّه ، بل ترك الأمر للوسائل المألوفة للمعرفة ، لأنه يريد من المسلمين أن يعيشوا التجربة الحية ، في ما يملكون من الوسائل العملية ، (فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ) في ما يظهر من الدراسة التفصيلية لأوضاعهن الواقعية ، ولأفكارهن الإيمانية ، ولاعترافاتهن الإسلامية ، ولإعلانهن الاستعداد للسير على خط الاستقامة في العقيدة والعمل (فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَ) فقد قطع الله العلاقة الزوجية بينهن وبين الكافرين سواء كانت العلاقة الزوجية سابقة على الإيمان أو كانت لاحقة له ، في ما يريد الكافرون إجبارها عليها ، لأن الكافر لا يجوز له الزواج من المسلمة ، كما لا يجوز للمسلمة الزواج من الكافر أو المشرك ، (وَآتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا) من المال الذي دفعوه مهرا لهن ، وذلك من أجل الحفاظ على طبيعة المعاهدة المعقودة بين المسلمين والكافرين التي تعمل على الإبقاء على الجو السلمي في ما بينهم ، مما يجعل الامتناع عن إرجاع زوجات الكافرين المؤمنات ، خاضعة للتعويض المالي على الأزواج ، مما يخفف من سلبياتها النفسية من خلال النظرة المادية التي تحكم الذهنية الموجودة في ذلك
__________________
(١) يراجع مجمع البيان ، م : ٥ ، ص : ٤١٠.