الفاعل الذي يجسد التطابق بين القول والفعل ، لأن الهدف الإسلامي هو تغيير الحياة والإنسان ، ولأن الانحراف عن ذلك يعني إرباك حركة القيادة في مواجهة التحديات ، مما يؤدي إلى اهتزاز الوضع الإسلامي كله ، وإفساح المجال للفئات المضادة أن تسيطر على المسلمين ، من خلال اختلال مواقع القوة في الميزان الإسلامي ، لا سيما إذا كانت المسألة تتصل بالجانب العسكري الذي يواجه فيه الواقع الإسلامي هجوم الأعداء وحصارهم للمسلمين ، من أجل القضاء على الإسلام أو إخضاع المسلمين للسيطرة الكافرة. وربما كانت هذه الآيات نداء جهاديا في ما جاءت به أحاديث أسباب النزول ، فقد روي عن ابن عباس قال : كان ناس من المؤمنين قبل أن يفرض الجهاد يقولون : وددنا أن الله دلّنا على أحب الأعمال إليه فنعمل به ، فأخبرهم الله أن أفضل الأعمال إيمان لا شك فيه ، والجهاد ، فكره ذلك أناس وشق عليهم وتباطأوا عنه ، فنزلت الآية (١).
وهذا هو الخط الذي ينبغي أن تتحرك التربية الإسلامية على أساسه من أجل صياغة الإنسان المسلم صياغة إسلامية على أساس أن يكون تجسيدا عمليا للإسلام في مفهومه وشريعته.
* * *
(كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ) وذلك هو غاية الفظاعة في ما يمكن أن يوجه إلى المؤمن عند ما يتطلع إلى نفسه وإلى موقعه من ربه ، فيرى نفسه ممقوتا منه أشدّ المقت ، ومبغوضا أشدّ البغض ، بينما يفرض عليه إيمانه أن ينال المحبة من الله ، للحصول على رحمته التي هي أساس خلاصه
__________________
(١) مجمع البيان ، م : ٥ ، ص : ٤١٧.