أوهام الناس بكثير من المفاهيم الساذجة التي تثير التهاويل في ذهنية العوام ، لتأكيد موقع شخصيّ مميّز أو قوميّ بارز أو عنصريّ معقد ، ليقدس الناس الخرافة باسم الحقيقة والوهم باسم اليقين والانحطاط باسم التقدم.
وهكذا كان اليهود بين تيارين ، أحدهما لا يؤمن بالآخرة ، ولهذا فإنه ليس مستعدا لأن يقترب من الموت الذي لا يمثل عنده أي موقع للانفتاح عما بعده ، وثانيهما يؤمن بالآخرة ، ولكنه يعرف النتائج الوخيمة التي يواجهها في مصيره ، على أساس الأعمال السيئة التي قام بها في حياته. وهذا ما تريد الآية أن تؤكده لتختم ذلك بقوله تعالى : (وَاللهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) الذين ظلموا أنفسهم وظلموا الناس من حولهم ، وانحرفوا بالحياة عن سبيل الله ، فهو يعلم سرهم وعلانيتهم. وتتابع الآيات كشف المصير الذي ينتظر هؤلاء وأمثالهم في الآخرة عند ما يقفون غدا في ساحة الحساب المحتوم ، أمام الله.
(قُلْ إِنَّ الْمَوْتَ الَّذِي تَفِرُّونَ مِنْهُ) في عملية الاستغراق بالهروب بالابتعاد عن مواقع الخطر ، أو بالمواقف الاستعراضية (فَإِنَّهُ مُلاقِيكُمْ) في ساعة الحقيقة الحاسمة ، لأنه لا خلود لأحد في هذه الدنيا ، (ثُمَّ تُرَدُّونَ إِلى عالِمِ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ) الذي لا يعزب عن علمه مثقال ذرة (فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ تَعْمَلُونَ) لتواجهوا العذاب في المصير الأسود الذي ينتظر المجرمين.
* * *