والروحي ، مما يجعل من إعلانهم لهذه الشهادة نوعا من الخديعة والاستغفال والسعي إلى أن يأخذوا شرعية الإسلام لتغطية جرائمهم النفاقية.
(اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً) ووقاية يحتمون وراءها كلما شعروا بأن عيون المسلمين تحدق بهم تحديقة شكّ وتساؤل ، وتثير الشبهات حولهم من خلال بعض الأعمال التي يقومون بها ، أو الكلمات التي يتكلمون بها ، فيطلقون الأيمان المغلظة ليطردوا شكوك الآخرين ، وليؤكدوا الثقة بإسلامهم ولينالوا ثقة المجتمع الإسلامي بهم. واستمروا في هذا الاتجاه (فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللهِ) بألاعيبهم الخفية وأضاليلهم المدسوسة ، وضللوا الكثيرين من الأبرياء ، وانحرفوا بهم عن الصراط السوي ، بأسلوب العاطفة في صداقاتهم وقراباتهم ، (إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ) مما كانوا يسعون إليه لإزهاق الحق ، وإقامة الباطل ، وخلخلة المسيرة الإسلامية في ساحة الصراع.
(ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا) في بدايات أمرهم ، بشكل ظاهريّ ساذج قد ينفذ إلى العمق قليلا ، في ما قد يكون في داخلهم من بعض مواقع الصدق والخير ، وقد لا يكون له عمق في الداخل ، بل كان الإيمان الإيمان المصلحة لا إيمان القلب. (ثُمَّ كَفَرُوا) فساروا في خط الكفر ، والتزموا مفاهيمه ، (فَطُبِعَ عَلى قُلُوبِهِمْ) بحيث كان الكفر حالة إرادية عميقة في العقل ، رافضة لكل روح إيمانية في ما هو الفكر والشعور ، فأغلقوا قلوبهم عن الله ، فأغلقت عقولهم ومشاعرهم من خلال ذلك ، (فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ) في ما قد يخاطبهم الرسول أو الدعاة إلى الله بآيات الله ، فلا يفهمون منها شيئا ، لأن الإنسان يفهم بعقله النّيّر المنفتح على الفكر الحق ، فإذا كان عقله مغلقا ، فكيف تنفذ الحقيقة إليه. وتلك هي مشكلة الكثيرين من المنافقين والكافرين ، فهم لا يفقدون قابلية المعرفة بل يفقدون إرادتها التي هي سرّ حركتها في العقل والشعور.
(وَإِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ) فهم يتحركون بأجسام منتفخة توحي