بالعظمة وبالامتلاء وبالقوة ، بحيث يشعر الناس أمامها بأن هؤلاء يمثلون الطبقة العالية من القوم.
(وَإِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ) لأنهم من الناس الذين يعطون الإيحاء بأنهم من عقلاء القوم وممن يتمتعون بالحكمة والتجربة ، كما قد يكونون من الأشخاص الذين يستخدمون في منطقهم الكلمات المعسولة والأساليب الخادعة.
(كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ) في جمود الروح وبرودة الحيوية ، حتى كأن جلوسهم إلى الجدار في الشكل الجامد ، كما لو كانوا خشبا مرميا على الجدار من دون معنى ولا حركة ولا حياة ولا نفع ، لأن قيمة الخشب في الانتفاع به أن يكون جزءا من السقف أو من الباب أو الجدار ، لا أن يكون خشبا مرميا على الجدار ، وقيل : إنه شبههم بخشب نخرة متأكلة لا خير فيها ، ويحسب من رآها أنها صحيحة سليمة من حيث إن ظاهرها يروق وباطنها لا يفيد ، فكذلك المنافق ظاهره معجب رائع وباطنه عن الخير زائغ.
(يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ) فهم يعيشون القلق الداخلي ، والاهتزاز النفسي ، انطلاقا من الازدواجية بين موقفهم الظاهري وحقيقتهم الباطنية ، ويبقى الهاجس الدائم لديهم أن يكشف المسلمون أمرهم على طريقة «كاد المريب أن يقول خذوني» ، مما يجعلهم يحتسبون لكل حركة تصدر من الآخرين كما لو كانت موجهة ضدهم ، ولكل صيحة مثيرة كأنها تثير الناس عليهم ، خوفا وجبنا. (هُمُ الْعَدُوُّ) الداخلي الذي ينفذ إلى الأمة ليثير المشاكل المتنوعة بين أفرادها ، وليحرك الأحقاد التاريخية في داخل صفوفها ، وليخطط الخطط العدوانية للتأمر على سلامتها ، من خلال الشعارات البراقة التي يحركها انطلاقا من النوازع الذاتية أو الجماعية المتحكمة في أوضاعها ، فيبدو الأمر في النزاع والخلاف ، كما لو كان شيئا طبيعيا منطلقا من الواقع الطبيعي في الحياة الاجتماعية العامة ، ولهذا فلا بد من التعامل معهم على طريقة التعامل