المفاهيم الخاطئة التي كانت تحكم تفكيرهم ، فتدفعهم إلى الكفر بالله واليوم الآخر ، ليعتبر الناس بهم ، فيبتعدوا عن الخضوع لأفكارهم ، ليأخذوا بخط الاستقامة في خط الإيمان بالله ورسوله ، ليصلوا إلى الفوز العظيم.
(أَلَمْ يَأْتِكُمْ نَبَأُ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ قَبْلُ فَذاقُوا وَبالَ أَمْرِهِمْ) في ما أنزل الله بهم من العذاب في الدنيا ، وهم قوم نوح وعاد وثمود وأمثالهم ممن أهلكهم الله بسوء عملهم. (وَلَهُمْ عَذابٌ أَلِيمٌ) في الآخرة عند ما يواجهون الموقف الحق بين يدي الله في يوم القيامة.
(ذلِكَ بِأَنَّهُ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ) الواضحة التي لا مجال للشك فيها من قريب أو من بعيد ، ولكنهم أثاروا حولها الكثير من الكلمات العابثة اللامسؤولة ، من أجل إثارة الشك حولها بالابتعاد عن التفكير في مضمونها الفكري ، والاتجاه إلى التركيز على شخصية النبي في ما يتصل بقضية بشريته (فَقالُوا أَبَشَرٌ يَهْدُونَنا) ، فلا يمكن للنبي أن يكون بشرا ولا ينبغي لنا أن نخضع للبشر ، لأن مواقعنا لا تسمح بذلك ، لا سيما إذا كان هذا البشر من الطبقة الدنيا في المجتمع. فلو كان النبي ملكا من الملائكة لكان للمسألة شيء من الجدية والقبول. (فَكَفَرُوا وَتَوَلَّوْا) عن الرسول والرسالة ، على أساس هذا المنطق الذي لا أساس له من المعقولية ، لأن قضية الرسالة إذا كانت معقولة في ذاتها ، فما المانع من أن يكون الرسول بشرا ، بل ربما كانت المسألة المطروحة أن يكون كذلك حتى يمكن له أن يمثل الخط الواقعي في القدوة ، عند ما يريد من الناس الاقتداء به ، على أساس التساوي في القدرات البشرية العامة ، في ما يمكن للإنسان أن يحتمله من تكاليف وأوضاع. ولكن مشكلة هؤلاء أنهم لا يفكرون من موقع المسؤولية الفكرية ، بل ينطلقون ـ في مواقفهم ـ من موقع الاستكبار الذاتي الذي يعيش أصحابه حالة الانتفاخ الداخلي ، فيخيل إليهم أنهم يمثلون موقع الأهمية الكبرى في رفضهم الخضوع لله ولرسوله. ولكن الله يرد عليهم هذا الوهم الكبير ليعرّفهم بأنهم لا يمثلون