حصنهم يرمون بالنبل والحجارة (١)
قال صاحب السيرة الحلبية : «وأمر بلالا فضرب القبة ، وهي من خشب عليها مسوح ، وكان رجل من يهود اسمه عزّوز أو غزول ، وكان أعسر راميا يبلغ نبله ما لا يبلغه نبل غيره ، فوصل نبله تلك القبة فأمر بها فحوّلت. وفقد عليّ قرب العشاء ، فقال الناس : يا رسول الله ما نرى عليّا ، فقال : دعوه ، فإنه في بعض شأنكم ، فعن قليل جاء برأس غزول ، كمن له عليّ حين خرج يطلب غرّة من المسلمين ومعه جماعة ، فشدّ عليه فقتله وفر من كان معه ، فأرسل رسول الله مع علي أبا دجانة وسهل بن حنيف في عشرة فأدركوهم وقتلوهم.
وحاصرهم صلىاللهعليهوآلهوسلم خمسة عشر يوما ، وقيل : أكثر ، وكان سعد بن عبادة في تلك المدة يبعث بالتمر إلى المسلمين ، وقطع نخلهم وحرق لهم نخلا بالبويرة ، فنادوه : يا محمد ، كنت تنهى عن الفساد وتعيبه ، فما بال قطع النخل؟ وقذف الله في قلوبهم الرعب ، فقالوا : نخرج من بلادك ، فقال : لا أقبله اليوم ولكن اخرجوا ولكم دماؤكم وما حملت الإبل من أموالكم إلا الحلقة (أي آلة الحرب) ، فنزلوا على ذلك ، فكانوا يخربون بيوتهم بأيديهم ، فيهدم الرجل بيته عما استحسن به من باب ونجاف وغيرهما لئلا ينتفع بها المسلمون ، وكان المسلمون يخربون مما يليهم ، فخرجوا إلى خيبر ، ومنهم من خرج إلى الشام» (٢).
وقد أثارت السورة مسألة النتائج للنصر الإسلامي عليهم ، في ما أفاء الله به على المسلمين من أموالهم ، فحددت كيفية توزيعه بالطريقة التي تمثل الشمول للجميع بحيث لا يختص به أحد.
__________________
(١) نقلا عن السيرة الحلبية ، راجع أعيان الشيعة ، م : ١ ، ص : ٣٥٩ ـ ٣٦٠ ، دار التعارف.
(٢) (م. ن.).