سبحانه ليس تابعاً لرغبة الناس أو إعراضهم ، وإنّما يتبع لملاكات هو أعلم بها سواء أكان هناك إقبال أم إدبار.
الثانية : لو افترضنا أنّ الصحابة أظهرت اهتمامها بصلاة التراويح بإقامتها جماعة أفيكون ذلك ملاكاً للفرض ؛ فإنّ مسجد النبيّ صلىاللهعليهوآله يومذاك كان مكاناً محدوداً لا يسع إلّا ستّة آلاف نفر أو أقلّ ، فقد جاء في الفقه على المذاهب الخمسة : «كان مسجد رسول الله صلىاللهعليهوآله ٣٥ متراً في ٣٠ متراً ثمّ زاده الرسول وجعله ٥٧ متراً في ٥٠ متراً» (١).
أفيمكن جعل اهتمامهم كاشفاً عن اهتمام جميع الناس بها في جميع العصور إلى يوم القيامة؟
الثالثة : وجود الاختلاف في عدد الليالي التي أقام النبيّ فيهما نوافل رمضان جماعة. فعلى ما نقله البخاري في كتاب الصوم أنّ النبيّ الأكرم صلىاللهعليهوآله صلّى التراويح مع الناس أربع ليال ، وعلى ما نقله في باب التحريض على قيام الليل ، أنّه صلّاها ليلتين ، ووافقه مسلم على النقل الثاني ، ويظهر ممّا ذكره غيرهما ـ كما مرّ في صدر المقال ـ أنّه صلىاللهعليهوآله أقامها في ليال متفرّقة (ليلة الثالث ، والخامس ، والسابع والعشرين). وهذا يعرب عن عدم الاهتمام بنقل فعل الرسول على ما عليه ، فمن أين تطمئن على سائر ما جاء فيه من أنّ النبيّ استحسن عملهم.
الرابعة : أنّ الثابت من فعل النبيّ أنّه صلاها ليلتين ، أو أربعاً في آخر الليل ، وهي لا تزيد على ثماني ركعات. فلو كان النبيّ أُسوة فعلينا الاقتداء به فيما ثبت ، لا فيما لم يثبت ، بل ثبت عدمه بما صرّح القسطلاني ووصف ما زاد عليه بالبدعة وذلك :
١ ـ أنّ النبي لم يسنّ لهم الاجتماع لها.
__________________
(١) الفقه على المذاهب الخمسة : ٢٨٥٠.