راجياً لاجئاً ، راهباً راغباً ، منيباً تائباً ، معترفاً لائذاً عائذاً ، لا يجد ملجأ من الله تعالى إلّا إليه ، ولا منجى منه إلّا به.
لهذا ترك الله السنن حرّة من قيد الجماعة ، ليتزوّدوا فيها من الانفراد بالله ما أقبلت قلوبهم عليه ، ونشطت أعضاؤهم له ، يستقلّ منهم من يستقلّ ، ويستكثر من يستكثر ، فإنّها خير موضوع ، كما جاء في الأثر عن سيّد البشر. أما ربطها بالجماعة فيحدّ من هذا النفع ، ويقلّل من جدواه.
أضف إلى هذا أنّ إعفاء النافلة من الجماعة يمسك على البيوت حظّها من البركة والشرف بالصلاة فيها ، ويمسك عليها حظّها من تربية الناشئة على حبّها والنشاط بها ، ذلك لمكان القدوة في عمل الآباء والأُمّهات والأجداد والجدّات ، وتأثيره في شدّ الأبناء إليها شدّاً يرسّخها في عقولهم وقلوبهم ، وقد سأل عبد الله بن مسعود رسول الله صلىاللهعليهوآله : أيّما أفضل الصلاة في بيتي ، أو الصلاة في المسجد؟ فقال صلىاللهعليهوآله :
«ألا ترى إلى بيتي ما أقربه من المسجد ، فلئن أُصلّي في بيتي أحبّ إليّ من أن أُصلّي في المسجد إلّا أن تكون صلاة مكتوبة» رواه أحمد وابن ماجة وابن خزيمة في صحيحه ، كما في باب الترغيب في صلاة النافلة من كتاب الترغيب والترهيب للإمام زكيّ الدين عبد العظيم بن عبد القويّ المنذري.
وعن زيد بن ثابت أنّ النبيّ صلىاللهعليهوآله قال :
«صلّوا أيّها الناس في بيوتكم ؛ فإنّ أفضل صلاة المرء في بيته إلّا الصلاة المكتوبة». رواه النسائي وابن خزيمة في صحيحه.
وعن أنس بن مالك ، قال : قال رسول الله صلىاللهعليهوآله :
«أكرموا بيوتكم ببعض صلاتكم».
وعنه صلىاللهعليهوآله قال : «مثل البيت الذي يذكر الله فيه والبيت الذي لا يذكر الله فيه مثل الحيّ والميّت». وأخرجه البخاري ومسلم.