الدالّ على الخضوع المقترن مع عقيدة خاصّة في حقّ المخضوع له ، فالعنصر المقوّم للعبادة حينئذٍ أمران :
١ ـ الفعل المنبئ عن الخضوع والتذلّل.
٢ ـ العقيدة الخاصّة التي تدفعه إلى عبادة المخضوع له.
أمّا الفعل ، فلا يتجاوز عن قول أو عمل دالّ على الخضوع والتذلّل بأيّ مرتبة من مراتبها ، كالتكلّم بكلام يؤدّي إلى الخضوع له أو بعمل خارجي كالركوع والسجود بل الانحناء بالرأس ، أو غير ذلك مما يدلّ على ذلّته وخضوعه أمام موجود.
وأمّا العقيدة التي تدفعه إلى الخضوع والتذلّل فهي عبارة عن :
١ ـ الاعتقاد بألوهيته.
٢ ـ الاعتقاد بربوبيته.
أمّا الأوّل فالألوهية منسوبة إلى الله ، وهو ليس بمعنى المعبود ـ وإن اشتهر في الألسن ـ بل كونه معبوداً من لوازم كونه إلها لا أنّه نفس معناه ، بل الاله ـ كما يشهد عليه الذكر الحكيم ـ مرادف ، للفظ الجلالة ويختلف معه في الكلّية والجزئية ، فالإله كلّي ولفظ الجلالة علم جزئي.
وتوضيح ذلك أنّ الموحّدين عامة والوثنيّين كلّهم ، وعبدة الشمس والكواكب يعتقدون بألوهية معبوداتهم ؛ إمّا لكون المعبود إلهاً كبيراً أو إلهاً صغيراً ، إمّا إلهاً صادقاً أو إلهاً كاذباً ، فالاعتقاد بألوهية المعبود بهذا المعنى هو المقوّم لصدق العبادة.
ولأجل أنّه لا يستحق العبادة إلّا من كان إلهاً لذلك يؤكّد القرآنَ بأنّه لا إله إلّا الله ومع ذلك فكيف تعبدون غيره؟
يقول سبحانه : (الَّذِينَ يَجْعَلُونَ مَعَ اللهِ إِلهاً آخَرَ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ) (١).
__________________
(١) الحجر : ٩٦.