دُعِيَ اللهُ وحدَه كفَر به ، وإن يشرك به يؤمن به ، أو إذا سمع لا إله إلّا الله يستكبر عن عبادته.
ولا أدري كيف تجرّأ الرجل وحكم بشرك قاطبة المسلمين بمجرد أنّهم يطلبون منه الدعاء بعد رحيله ، وكم من صحابيّ جليل ، تكلّم معه وطلب منه الدعاء بعد وفاته.
١ ـ هذا أبو بكر : أقبل على فرسه من مسكنه بالسنح حتّى نزل فدخل المسجد فلم يكلّم الناس حتّى دخل على عائشة (رض) فتيمّم النبي صلىاللهعليهوآله وهو مسجّى ببرد حِبرة ، فكشف عن وجهه ثمّ أكبّ عليه فقبّله ثمّ بكى ، فقال : بأبي أنت يا نبيّ الله لا يجمع الله عليك موتتين ، أمّا الموتة التي كتبت عليك فَقَدْ مُتَّها (١).
فلو لم تكن هناك صلة بين الحياتين فما معنى قوله : «بأبي أنت يا نبيّ الله» فإن لم يسمع ، فما ذا قصد ذلك الصحابي من قوله : «لا يجمع الله عليك موتتين».
٢ ـ روى أبو القاسم عبد الرحمن السهيلي (٥٠٨ ـ ٥٨١ ه) في الروض الأنف : «دخل أبو بكر على رسول الله في بيت عائشة ورسول الله مسجّى في ناحية البيت ، عليه برد حبرة ، فأقبل حتّى كشف عن وجه رسول الله صلىاللهعليهوآله ثمّ أقبل عليه فقبّله ، ثمّ قال : بأبي أنت وأُمّي أمّا الموتة التي كتب الله عليك فقد ذقتها ثمّ لن تصيبك بعدها موتة أبداً» (٢).
٣ ـ روى الحلبي علي بن برهان الدين (٩٧٥ ـ ١٠٤٤ ه) في سيرته وقال : «جاء أبو بكر من السنح وعيناه تهملان فقبّل النبيّ صلىاللهعليهوآله فقال : بأبي أنت وأُمّي طبت حيّاً وميتاً» (٣).
٤ ـ روى مفتي مكة المشرّفة زيني دحلان في سيرته فذكر ما ذكراه ، وقال : قال أبو بكر : طبت حيّاً وميّتاً ، وانقطع بموتك ما لم ينقطع للأنبياء قبلك ، فعظمت
__________________
(١) البخاري ، الصحيح ٢ : ١٧ ، كتاب الجنائز.
(٢) الروض الأنف ٤ : ٢٦٠.
(٣) السيرة الحلبية ٣ : ٧٤ ، ط دار المعرفة ، بيروت.