أحدهما : للأصمّ ؛ حيث فسّر الحياة بالحياة الدينية ، وأنّهم على هدى من ربّهم ونور.
وثانيهما : لبعض المعتزلة ، وأنّ المراد من كونهم أحياء أنّهم سيُحيون.
ثمّ قال : إنّ أكثر العلماء على ترجيح القول الأوّل ، ثمّ فنّد الرأيين الأخيرين بوجوه نذكر بعضها :
١ ـ لو كان المراد ما قيل في القول الثاني والثالث لم يكن لقوله : (ولكن لا تشعرون) معنى ؛ لأنّ الخطاب للمؤمنين وقد كانوا يعلمون أنّهم سيحيون يوم القيامة ، وأنّهم على هدى ونور.
٢ ـ أنّ قوله : (ويستبشرون بالَّذِين لم يلحقوا بهم) دليل على حصول الحياة في البرزخ قبل البعث ، أي : ويستبشرون بأُناس لم يلحقوا بهم وهم في الدنيا ، فإذا كان هذا ظرف الاستبشار فيكون هو ظرف الحياة ويكون قبل البعث.
٣ ـ لو كان المراد أحد المعنيين لا يبقى لتخصيص الشهداء بهذا فائدة ؛ فإنّ غيرهم وكثيراً من غير الشهداء على نور وهدى من ربّهم.
وما أجاب به أبو مسلم أنّه سبحانه إنّما خصّهم بالذكر ؛ لأنّ درجتهم في الجنّة أرفع ومنزلتهم أرفع ضعيف ؛ لأنّ منزلة النبيّين والصدّيقين أعظم من الشهداء مع أنّه سبحانه ما خصّهم بالذكر (١).
بقي الكلام في أمرين :
أ ـ في إعراب الظرف أي «عند» في قوله (عِنْدَ رَبِّهِمْ) وفيه وجوه :
١ ـ أن يكون حالاً في محل النصب من الضمير في «أحياء».
٢ ـ أن يكون خبراً ثانياً والتقدير : هم أحياء عندهم.
__________________
(١) مفاتيح الغيب ٤ : ١٤٦.