إبلاغي حاجته فإنه من أبلغ سلطانا حاجة من لا يستطيع إبلاغه ثبت الله قدميه يوم القيامة» (١).
لا يذكر عنده إلّا ذلك ، ولا يقبل من أحد غيره ، فيدخلون روّادا (٢) ولا يفترقون إلّا عن ذواق (٣) ، ويخرجون أذلة (٤).
[ثانيا : صفة مخرجه (ص)]
قال : فسألته عن مخرجه كيف كان يصنع فيه؟
فقال : كان رسول الله صلىاللهعليهوآلهوسلم يخزن لسانه إلّا مما يعنيهم ، ويؤلفهم لا يفرقهم ، أو قال : لا ينفرهم ، كل كريم آل يضعفه (٥) ويسأل بكل حال عنده ، ويكرم كريم كل قوم ، ويوليه عليهم ، ويحذر الناس بأن يحترسهم من غير أن يطوي عن أحد بسره ولا خلقه ، ويتفقد أصحابه ، ويسأل الناس عما في الناس ، ويحسّن الحسن ويقويه ، ويقبح القبيح ويوهيه ، معتدل الأمر غير مختلف ، لا يغفل مخافة أن يغفلوا أو يميلوا ، ولا يقصر عن الحق ولا يجوزه ، الذين يلونه من الناس خيارهم ، وأفضلهم عنده أعمهم نصيحة ، وأعظمهم عنده منزلة أحسنهم مواساة ومؤازرة.
__________________
(١) جزء من حديث أخرجه البخاري في (٣) كتاب العلم (٩) باب قول النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم : «رب مبلغ أوعى من سامع» ، وهو في فتح الباري (١ / ١٥٧) ، وأخرجه مسلم في كتاب الحج حديث (٤٤٦).
(٢) يدخلون روادا ، أي مرتادين للعلم والفقه ، كما يرتاد الرائد القطر لأهله ، ويخرجون أجلة ، يعني أدلة لغيرهم على العلم والفقه والشريعة ، كما يدل الرائد الذي قد عرف مواضع الماء والكلأ. والله أعلم.
(٣) قوله : عن ذواق : قيل عن علم يتعلمونه ، وقيل : على ظاهره ، أي في الغالب ، والله أعلم.
(٤) انظر دلائل النبوة للبيهقي (١ / ٢٨٩) فقد أورد الرواية كاملة مقارنا في ذلك بين راوية العلوي وغيره من الرواة.
(٥) في رواية الحسن بن محمد العلوي : ولا يفرقهم ـ ويكرم كريم كل قوم ويوليه عليهم ويحذر الناس ويحترس منهم من غير أن يطوي عن أحد بشره ولا خلقه ، وقوله : يضعفه : يريد أنه يضعف له من محله وقضاء حوائجه وسؤاله له وخطابه أضعاف ما يعطيه غيره من أفراد الناس.