[١٠٢] فأخبرنا عبد الله بن الحسن الإيوازي بإسناده عن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن الحسن بن الحسن عن أبيه عن جده عن أبيه عبد الله بن الحسن عليهالسلام قال : لما نزلت سورة (إِذا جاءَ نَصْرُ اللهِ وَالْفَتْحُ ...) إلى آخرها ، قال رسول الله : «نعيت إليّ نفسي» (١) ، وعرف اقتراب أجله (٢) ، فدخل منزله ، ودعا فاطمة ـ عليهاالسلام ـ فوضع رأسه في حجرها ساعة ، ثم رفع رأسه وقال : «يا فاطمة ، يا بنية ، أشعرت أن نفسي قد نعيت إليّ» ، فبكت فاطمة عند ذلك حتى قطرت دموعها على خد رسول الله ، فرفع رأسه ونظر إليها ، فقال : «أما إنكم المستضعفون المقهورون بعدي ، فلا تبكين يا بنية ، فإني قد سألت ربي أن يجعلك أول من يلحق بي من أهلي ، وأن يجعلك سيدة نساء أمتي ، ومعي في الجنة ، فأجبت إلى ذلك» ، فتبسمت فاطمة عليهاالسلام عند ذلك ، ونساء النبي صلّى الله عليه وآله وسلّم ينظرن إليها حين بكت وتبسمت ، فقال بعضهن (٣) : ما شأنك يا فاطمة ، تبكين مرة وتبتسمين مرة؟
فقال رسول الله : «دعن ابنتي» (٤) ، فلما مضى النصف من صفر سنة إحدى عشرة ، جعل رسول الله يجد الوجع والثقل في جسده حتى اشتد به الوجع في أول شهر ربيع الأول ، واجتمع إليه أهل بيته ونساؤه ، فلما رأت فاطمة أباها قد ثقل دعت الحسن والحسين ، فجلسا معها إلى رسول الله ، ووضعت خدّها على خد رسول الله ، وجعلت تبكي حتى أخضلت لحيته ووجهه بدموعها ، فأفاق صلىاللهعليهوآلهوسلم ، وقد كان أغمي عليه ، فقال لها : «يا بنية لقد شققت على أبيك» ، ثم نظر إلى الحسن والحسين عليهماالسلام فاستعبر بالبكاء ، وقال (٥) : «اللهم إني أستودعكهم
__________________
(١) أخرجه ابن سعد في الطبقات الكبرى (٢ / ١٤٩) ، والترمذي في سننه (١ / ٣٧) ، مجمع الزوائد (٩ / ٢٣) ، كنز العمال (٣٤٢٣٥).
(٢) أخرج ابن سعد في طبقاته ، وأحمد في مسنده ، والهندي في منتخبه ، عن أبي سعيد الخدري عن النبي صلىاللهعليهوآلهوسلم قال : «إني أوشك أن ادعى فأجيب ، وإني تارك فيكم الثقلين كتاب الله ، وعترتي ؛ كتاب الله حبل ممدود من السماء إلى الأرض ، وعترتي أهل بيتي ، وإن اللطيف الخبير أخبرني أنهما لن يفترقا حتى يردا علي الحوض فانظروا كيف تخلفونني فيهما» ، ابن سعد (٢ / ١٥٠) ، مسند أحمد (٣ / ١٧) ، كنز العمال (٩٤٤).
(٣) نهاية الصفحة [١٠٥ ـ أ].
(٤) في (أ، د) : دعي ابنتي ، والحديث أخرجه بلفظ مقارب ابن سعد عن عائشة ، وأم سلمة (٢ / ١٩٠ ـ ١٩١).
(٥) في (أ) : فاستعبر وقال.