وصالح المؤمنين ، اللهم إن هؤلاء ذريتي أستودعكهم وصالح المؤمنين» ، ثم أعاد الثالثة ، ووضع رأسه.
فقالت فاطمة : وا كرباه لكربك يا أبتاه.
فقال لها صلىاللهعليهوآلهوسلم : «لا كرب على أبيك بعد اليوم» (١) ، ثم أمر أن يصب عليه سبع قرب ماء من سبع آبار ، ففعل به فوجد خفة ، فخرج فصلى بالناس ، ثم قام يريد المنبر ، وعلي والفضل بن عباس قد احتضناه حتى جلس على المنبر ، فخطبهم واستغفر للشهداء ، ثم أوصى بالأنصار ، وقال : «إنهم لا يرتدون عن منهاجها ، ولا آمن منكم يا معشر المهاجرين الارتداد» (٢) ، ثم رفع صوته حتى سمع من في المسجد ووراءه ، وهو يقول : «يا أيها الناس ، سعّرت النار وأقبلت الفتن كقطع الليل المظلم إنكم والله لا تتعلقون علي غدا بشيء ، ألّا وإني قد تركت الثقلين ، فمن اعتصم بهما فقد نجا ، ومن خالفهما هلك».
فقال عمر بن الخطاب : وما الثقلان يا رسول الله؟
فقال : «أحدهما أعظم من الآخر ، كتاب الله طرف منه بيد الله وطرف بأيديكم ، وعترتي أهل بيتي فتمسكوا بهما لا تضلوا ولا تذلوا أبدا ، فإن اللطيف الخبير أنبأني أنهما لن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض ، وإني سألت الله ذلك فأعطانيه ، ألا فلا تسبقوهم فتهلكوا ، ولا تقصروا عنهم فتضلوا ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم بالكتاب ، أيها الناس ، احفظوا قولي تنتفعوا به بعدي ، وافهموا عني حتى تنتعشوا لئلا ترجعوا بعدي كفارا ، يضرب بعضكم رقاب بعض ، فإن أنتم فعلتم ذلك ـ وستفعلون (٣) ـ لتجدن من يضرب وجوهكم بالسيف» ، ثم التفت عن يمينه ، ثم قال : «ألا وعلي بن أبي طالب ألا وإني قد تركته فيكم ألا هل بلغت؟».
فقال الناس : نعم (٤) يا رسول الله صلوات الله عليك.
__________________
(١) في (أ) : لا كرب على أبيك بعد الموت.
(٢) انظر ابن سعد (٢ / ١٩٢) وما قبلها وما بعدها.
(٣) في (ب ، ج ، د) : ولن تفعلوا.
(٤) في (ب ، ج ، د) : نعم يا رسول الله.