ودنا ليشرب ، فرماه حصين بن تميم ـ لعنه الله ـ بسهم فوقع في فمه ، فجعل يتلقى الدم ، ويرمي به إلى السماء ، ويقول : اللهم احصهم عددا ، واقتلهم بددا ، ولا تذر على الأرض منهم أحدا.
ثم إن شمرا أقبل في الرّجالة نحوه ، فجعل الحسين يشد عليهم ، فينكشفون عنه ، وعليه قميص خز ، وكان (١) عبد الله بن عمار بن عبد يغوث (٢) يقول : والله ما رأيت مكثورا قط قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا منه ، ولا أمضى جنانا ، ما رأيت قبله ولا بعده مثله ، إن كانت الرجال تنكشف عن يمينه وعن يساره انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب.
قال : ومكث طويلا من النهار وكل يتقي أن يقتله ، فإذا شمر يقول : ثكلتكم أمهاتكم ما تنتظرون بالرجل؟ اقتلوه ، فحمل عليه سنان بن أنس بن عمر النخعي في تلك الساعة ، فطعنه بالرمح فوقع ، ثم قال لخولي بن يزيد بن الأصبحي : حز رأسه ، فأراد ذلك فضعف وارتعد. فقال له سنان : فتّ الله عضدك وأبان يدك ، فنزل إليه فذبحه ، ورفع رأسه إلى خولي بن يزيد (٣).
«وروي أنه لما قتل الحسين عليهالسلام سمع هاتف في الجو يقول :
أترجوا أمة قتلت حسينا |
|
شفاعة جده يوم الحساب» (٤) |
__________________
(١) في (أ، د) : فكان.
(٢) في تاريخ الطبري : عن الحجاج بن عبد الله بن عمار بن عبد يغوث البارقي ، وعتب على عبد الله بن عمار بعد ذلك مشهده قتل الحسين فقال عبد الله بن عمار : إن لي عند بني هاشم ليدا ، قلنا له : وما يدك عندهم؟ قال : حملت على حسين بالرمح فانتهيت إليه ، فو الله لو شئت لطعنته ، ثم انصرفت عنه غير بعيد وقلت : ما أصنع بأن أتولى قتله يقتله غيري ، قال : فشد عليه رجالة فمن عن يمينه وشماله ، فحمل على من عن يمينه حتى ابذعروا ، وعلي من عن شماله حتى ابذعروا عليه قميص له من خز وهو معتم ، قال : فو الله ما رأيت مكسورا قط قد قتل ولده وأهل بيته وأصحابه أربط جأشا ولا أمضى جنانا منه ، ولا أجرى مقدما ، والله ما رأيت قبله ولا بعده مثله إن كانت الرجالة لتنكشف من عن يمينه وشماله انكشاف المعزى إذا شد فيها الذئب ، تأريخ الطبري (٤ / ٣٤٥).
(٣) الخبر أورده الطبري بتفاصيل أكثر مما هنا. (٤ / ٣٤٥ ـ ٣٤٦) ، وعند لفظ : يزيد ـ نهاية الصفحة [٢٠٠ ـ أ].
(٤) ساقط في (أ).