اشتياق يعقوب إلى يوسف وأخيه ، وإن لي لمصرعا أنا لاقيه ، كأني أنظر إلى أوصالي تقطعها عسلان الفلوات (١) ، غبرا غفرا بين كربلاء وبراريس (٢) قد ملأت مني أكراشا جوفا رضا الله رضانا أهل البيت ، فصبرا على بلائه ليوفينا أجر الصابرين ، لن تشذ عن رسول الله حرمته وعترته ، ولن تفارقه أعضاؤه وهي مجموعة له في حظيرة القدس ، تقر بهم عينه ، وينجز لهم عدته (٣) ، من كان فينا باذلا مهجته فليرحل فإني راحل غدا إن شاء الله عزوجل (٤) ، ثم نهض إلى عدوه فاستشهد (صلوات الله عليه).
[١٨٨] أخبرنا (٥) ابن عافية بإسناده عن عبد الله بن الحسن عليهالسلام أن علي بن الحسين عليهالسلام قال : صبحتنا الخيل يوم الجمعة ، فدعا الحسين بفرس رسول الله وهو المرتجز ، فركبه ثم رفع يده ، فقال : اللهم أنت ثقتي في كل كرب ورجائي في كل شدة ، وأنت لي في كل أمر نزل بي ثقة وعدة ، كم من هم يضعف به الفؤاد ، وتقل فيه الحيلة ، ويخذل فيه الصديق ، ويشمت فيه العدو (٦) ، أنزلته بك (٧) ، وشكوته إليك ، رغبة فيه إليك عمن سواك ، ففرّجته وكشفته ، أنت ولي كل نعمة ، وصاحب كل حسنة ، ومنتهى كل رغبة ، يا أرحم الراحمين.
ثم عبأ أصحابه وعبأ عمر بن سعد كذلك ، فكان أول من رمى ابن سعد ، ثم أصحابه حتى غلب الحسين عليهالسلام على عسكره ، فركب المسنّاة يريد الفرات ، فقال شمر بن ذي الجوشن (لعنه الله) : ويلكم حولوا بينه وبين الماء.
__________________
(١) أي ذئاب الفلوات.
(٢) في (أ) : ونواويس.
(٣) في (أ، د) : وتنجز لهم عدته.
(٤) انظر : في رحاب أئمة أهل البيت (٢ / ٣ / ١١٢) وما بعدها ، المفيد في ذكر السبط الشهيد ص (٨٨).
(٥) السند هو : أخبرنا ابن عافية قال : حدثنا محمد بن عبد العزيز ، قال : حدثنا أبو نعيم عن حسن بن صالح عن جابر عن عبد الله بن الحسن.
(٦) في (ج) : ويشمت فيه العدو.
(٧) نهاية الصفحة [١٩٩ ـ أ].