فلما رأيت جدّه في شخوصي تهيأت وأتينا القادسية ، فلما بلغه خروجي وجه معي رسولا حتى بلغ العذيب ، فلحقت الشيعة بي وقالوا : أين تخرج ومعك مائة ألف سيف من أهل البصرة وأهل الكوفة والشام وخراسان والجبال ، وليس قبلنا أحد من أهل الشام إلّا عدة يسيرة ، فأبيت عليهم فقالوا (١) : ننشدك الله إلّا رجعت ولم تمض ، فأبيت وقلت : لست آمن غدركم كفعلكم بجدي الحسين وجد أبي ، وغدركم بعمي الحسن واختياركم عليه معاوية ، فقالوا : لن نفعل ، أنفسنا دون نفسك فلم يزالوا بي حتى أنعمت لهم.
قال أبو معمر : حدثني عبد الله بن محمد بن عمر بن علي أن زيدا صلوات الله عليه قال لغلمانه : اعزلوا متاعي من متاع ابن عمي (٢).
فقلت له : ولم ذاك أصلحك الله؟
قال : أجاهد بني أمية ، والله لو أعلم أنه تؤجج لي نار بالحطب الجزل ، فأقذف فيها وأن الله أصلح لهذه الأمة أمرها لفعلت.
فقلت له : الله الله في قوم خذلوا جدك وأهل بيتك!
فأنشأ يقول :
فإن أقتل فلست بذي خلود |
|
وإن أبقر اشتفيت من العبيد |
قال : ورجع إلى الكوفة ، وأقبلت الشيعة وغيرهم تختلف إليه يبايعونه حتى أحصى ديوانه
__________________
(١) القائل : عمر بن عمر ، وفي مقاتل الطالبيين ص (١٣٢) : فقال له محمد بن عمر : أذكرك الله يا أبا الحسين لما لحقت بأهلك ، ولم تقبل قول أحد من هؤلاء الذين يدعونك. فإنهم لا يفون لك ، أليسوا أصحاب جدك الحسن بن علي وأبى أن يرجع ، وانظر أيضا الفتوح (٨ / ١١١).
(٢) في تيسير المطالب ص (١٠٩) عن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه قال : كنت مع زيد بن علي عليهماالسلام حين بعث ابن هشام إلى يوسف بن عمر فلما خرجنا من عنده وكنا بالقادسية ، قال زيد بن علي : اعزلوا متاعي عن متاعكم ، فقال له : أين ما تريد أن تصنع؟ قال : أريد أن أرجع إلى الكوفة فو الله لو علمت أن رضي الله عزوجل عني في أن أقدح نارا بيدي إذا اضطرمت رميت نفسي فيها لفعلت ولكن ما أعلم شيئا أرضى لله عزوجل عني من جهاد بني أمية ، قال : فرجع فكان الخروج إلى المدينة.