يوسف بن عمر بن أبي عقيل الثقفي من قبل هشام بن عبد الملك ، فخرج على أصحابه على برذون أشهب ، في قبا أبيض ودرع تحته ، وعمامة وبين يدي قربوسه مصحف منشور ، فقال : سلوني ، فو الله ما تسألوني عن حلال وحرام ، ومحكم ومتشابه ، وناسخ ومنسوخ ، وأمثال وقصص إلّا أنبأتكم به ، والله ما وقفت هذا الموقف إلّا وأنا أعلم أهل بيتي بما تحتاج إليه هذه الأمة.
ثم قال : الحمد لله الذي أكمل لي ديني ، إني لأستحيي من جدي أن ألقاه ولم آمر في أمته بمعروف ، ولم أنهي عن منكر.
ثم قال : أيها الناس أعينوني (١) على أنباط (٢) أهل الشام ، فو الله لا يعينني عليهم أحد إلّا جاء يوم القيامة آمنا حتى يجوز الصراط.
ثم قال : نحن الأوصياء والنجباء ، والعلماء ، ونحن خزان علم الله ، وورثة وحي الله ، وعترة رسول الله وشيعتنا رعاة الشمس والقمر (٣) ، والله لا يقبل الله التوبة إلّا منهم ، ولا يخص بالرحمة أحدا سواهم.
فلما خفقت الراية على رأسه قال : اللهم لك خرجت ، وإياك أردت ، ورضوانك طلبت ، ولعدوك نصبت ، فانتصر لنفسك ولدينك ، ولكتابك ولنبيك ، ولأهل بيت نبيك ، ولأوليائك من المؤمنين ، اللهم هذا الجهد مني ، وأنت المستعان (٤).
__________________
(١) نهاية الصفحة [٢١٣ ـ أ].
(٢) تعرف اليوم بالبتراء.
(٣) نقل عن الناصر الحسن بن علي الأطروش عليهالسلام قوله بمعنى رعاة الشمس والقمر : أي المحافظ على الصلاة بالليل والنهار لأن الشمس آية النهار ودليله ، والقمر آية الليل ودليله ، انظر : تيسير المطالب ص (١٠٠).
(٤) الخبر أخرجه الإمام يحيى بن الحسين بن هارون في كتابه (تيسير المطالب) بسنده عن والده قال : أخبرنا أبي قال : أخبرنا الناصر للحق الحسن بن علي رضوان الله عليه إملاء. قال : أخبرني محمد بن منصور عن يحيى بن محمد عن موسى بن هارون عن سهل بن سليمان الرازي عن أبيه قال : أشهدت زيد بن علي عليهماالسلام يوم خرج لمحاربة القوم بالكوفة فلم أرى يوما كان أبهى ولا رجلا أكثر قراءة ولا فقها ولا أوفر سلاحا من أصحاب زيد بن علي عليهالسلام فخرج على بغله شهباء وعليه عمامة سوداء وبين يديه قربوس فرسه فوق سرجه مصحف فقال : أيها الناس أعينوني على أنباط الشام فو الله لا يعينني عليهم أحد إلا رجوت أن يؤتى يوم القيامة أمانا يجوز على الصراط ويدخل الجنة ، والله ما وقفت هذا الموقف حتى علمت التأويل والتنزيل والمحكم والمتشابه ، والحلال والحرام بين الدفتين وقال نحن ولاة أمر الله وخزان علم الله وورثة وصي الله وعترة نبي الله وشيعتنا رعاة الشمس والقمر ، قال الناصر للحق عليهالسلام معنى رعاة الشمس والقمر المحافظة للصلاة بالليل والنهار لأن الشمس آية النهار ودليله ، والقمر آية الليل ودليله. تيسير المطالب ص (١٠٠).