فقال المهدي للمعلا (١) : لا تحدث فيها حدثا ، فدعا بشار البرقي فأتاه فأنفذه إلى الحسين ، فقدم به عليه ، فلما وصل إلى المهدي سأله عن أمر العين وشراء المعلّى إياها ، فأقر له به ، ولم يختلف قوله وقول المعلّى في أمرها.
وقال الحسين : يا أمير المؤمنين ، والله ما بقيت لي خضراء ولا عذق غيرها إلّا صدقات علي والحسن والحسين (٢) ، وإن عليّ الثمن الذي بعتها به (٣) ، ولو لا إلحاح الغرماء ما بعتها.
فقال له المهدي : أتدّان بسبعين ألف دينار ، أما تتقي الله قد أهلكت نفسك (٤).
فقال الحسين ـ وكان بليغا منطيقا : وما سبعون ألف دينار يا أمير المؤمنين وأنا ابن رسول الله وابن عم أمير المؤمنين وشريكه في نسبه وشرفه؟
فقال له المهدي : ردّ الله عليك عينك ، وقضى عنك دينك.
ثم أقبل على عمر بن بزيغ (٥) فقال : يا عمر ادفع إليه سبعين ألف دينار ، وأمره بالانصراف إلى منزله ، فلما خرج من عنده أقبل الربيع على (٦) المهدي فقال : أنشدك الله يا أمير المؤمنين أن تثير على المسلمين من قبل هذا شرا ، أما تسمع كلامه ، فمتى يملأ جوفه شيء ، والله لئن وصل إليه هذا المال ليثورن عليك به ، فرجع عن ذلك وأمر له بمعونة عشرين ألف درهم.
وبلغ الخبر حسينا فكتب به إلى صديق له بالكوفة من جعف (٧) وإلى أخيه الحسن (٨)
__________________
(١) نهاية الصفحة [٢٦٥ ـ أ].
(٢) في بعض النسخ : «إلّا صدقات علي والحسن بن الحسن».
(٣) من (أ) ، وبقية النسخ : «وأن علي فيها الثمن الذي بعتها به».
(٤) في (أ) : أما تتقي الله في نفسك قد أهلكت نفسك.
(٥) ورد الاسم في الأصل : عمر بن ربيع ، وهو تصحيف ، وهو مولى المهدي ، انظر : الوزراء والكتاب ، (الفهرس ص (٣٢٦).
(٦) في (ب) : إلى.
(٧) جعف : الجعفي بالضم والسكون وفاء مكسورة نسبة إلى مخلاف جعفى باليمن إلى قبيلة من مذحج.
(٨) هو الحسن بن علي بن الحسن عليهالسلام ، وهو الحسن المكفوف. انظر : المجدي (٦٦ ـ ٦٧) ، الفخري (١١٥ ـ ١١٦) ، عمدة الطالب (١٥٠).