رحبة دار القضاء (١) ، فجلس فيها وجلس معه أصحابه إلّا من تقدم منهم للقتال وهم زهاء ثلاثين رجلا ، فإنهم تقدموا في نحور أصحاب خالد فرموهم بالنشاب ، وأقبل خالد راجلا سالا سيفه يصيح بالحسين ويشتمه ، ويقول : قتلني الله إن لم أقتلك.
فلما دخل الرحبة وثب عليه يحيى وإدريس ابنا عبد الله (٢) ، وبدره يحيى وكان شديد الكف والذراع مجتمع القلب ، فضربه على أنف البيضة فقطعه وخلص السيف إلى أنفه وشرقت عيناه بالدم ، وقد ضرب خالد يحيى بسيفه فأسرع في الترس حتى وصل إلى إصبعه الوسطى والتي تليها من يده اليسرى ، قال : ولما ثار الدم في عيني خالد برك وعلواه بأسيافهما حتى برد ، وأخذ إدريس درعين كانتا عليه وسيفه وعمود حديد كان في منطقته ، ثم جرّا برجليه فطرحاه بالبلاط على باب مروان (٣).
قال مصعب : وكان خالد متعلقا بستر من شعر يعتصم به ، فإذا حمل عليه يحيى تراجع ، ثم يحمل هو على يحيى فيتراجع ، وقد نال كل واحد منهما من صاحبه جرحا.
ثم إن إنسانا من أهل الجزيرة كان مع الطالبيين خرج مصلتا سيفه متوجها نحو القتال ، وخالد يراه ولم ير بأنه (٤) يقصده ، فحمل خالد على يحيى وهو لا يعلم ما يريد الجزيري ، فعطف عليه الجزيري من ورائه وهو لا يشعر فضرب ساقيه فعرقبه ، فنزع البيضة عن رأسه فضربه يحيى حتى قتله.
قال مصعب : وكان هذا الجزيري أشجع من كان معهم ، وقطعت يداه ليلة المسايرة ، ثم
__________________
(١) هو في بلاط المدينة حول المسجد. انظر : أخبار المدينة (٢٤٨) خلاصة الوفاء (٣٥٤ ـ ٣٥٨). ورحبة دار القضاء ، أي بالمدينة المنورة ، انظر أخبار المدينة (٢٣٣ ـ ٢٣٤).
(٢) بعد اللفظ : عبد : نهاية [٢٧٣ ـ أ] ، وحول يحيى وإدريس انظر : مقاتل الطالبيين ص (٣٧٢ ـ ٣٧٦) ، (٣٨٢ ، ٣٨٨ ـ ٤٩٤). وإدريس (المقاتل) ص (٣٣٨ ، ٣٧٥ ، ٣٨٢ ، ٤٠٦ ، ٤٠٩).
(٣) هي دار مروان بن الحكم كان ينزلها ولاة المدينة (ص ٢٥٦) ، فهارس تاريخ الطبري ، فهارس تاريخ ابن الأثير.
(٤) في (أ) : ولم ير أنه.