فاقتتلوا قتالا شديدا أشد قتال أصحاب محمد بن سليمان وأصحابه وصبر المبيضة فلم ينهزم منهم أحد ، حتى إذا أتي على أكثرهم جعل أصحاب محمد بن سليمان يصيحون بالحسين الأمان الأمان يبذلونه له ، فيحمل عليهم ويقول : الأمان أريد ، حتى قتل وقتل معه رجلان من أهل بيته ، ورمي الحسن بن محمد بن عبد الله بن الحسن بنشابة فأصابت عينه ، فجعل يقاتل أشد قتال والنشابة مرتزة (١) في عينه ، فصاح به محمد : يا ابن خال اتقي الله في نفسك فلك الأمان (٢).
فقال : أتؤمنني على أن تمنعني ما تمنع (٣) منه نفسك (٤)؟ فأعطاه على ذلك العهود والمواثيق ، فألقى سيفه وأقبل نحوه ، فأمر بالنشابة فنزعت من عينه ، وأمر بقطنة فغمست في دهن بنفسج وماء ورد ووضعت في عينه ، وعصبت.
واستسقى (٥) ، فأمر محمد أن يسقي سويق لوز بثلج ، ثم أرسل إلى موسى بن عيسى يخبره بأمره ، فقال موسى «بن عيسى» (٦) : ما نقطع أمرا من دون العباس بن محمد ، وكان العباس بن محمد متقدما لموسى بينه وبين محمد ، فبعث إليه يستشيره في أمره ، فقال العباس : لا ولا كرامة أنت أمير الجيش وليس لمحمد إمرة يعطي فيها أحدا أمانا (٧).
ووجه بالرسالة إلى موسى مع ابنه عبد الله ، فقال موسى : القول ما قال العباس يقتل ولا ينفذ له أمان.
فجاء عبد الله يركض مسرورا بذلك ، فلما صار حيث يرونه استعجل ، فجعل يريهم بيده
__________________
(١) مرتزة. رزّ وارتزّ السهم في الحائط ثبت ، والإرزيز : الطعن الثابت ، المنجد ، المعجم الوسيط مادة : (رزز).
(٢) الخبر أورده أبو الفرج الأصفهاني في المقاتل ص (٣٧٩).
(٣) في (ب ، ج ، د) : مما تمنع.
(٤) في مقاتل الطالبيين : «فقال : والله ما لكم أمان ، ولكني أقبل منكم» ص (٣٧٩).
(٥) في (أ، د) : فاستسقى.
(٦) ساقط في (د ، أ).
(٧) انظر مقاتل الطالبيين ص (٣٧٩) وما قبلها وما بعدها.