وأربعين ومائة ، وبايع الناس الحسن بن إبراهيم بن عبد الله سرا (١) ، وتوارى هو ولم يتم أمره وبيعته ، فلما دخلت سنة ست وخمسين ومائه وقعت بيعة عيسى بن زيد عليهالسلام بايعه الناس بالإمامة ، وهو متوار بالعراق ، بايعه أهل الكوفة والسواد والبصرة والأهواز وواسط وورد عليه بيعة أهل الحجاز ومكة والمدينة وتهامة.
واشتد الطلب من أبي الدوانيق ، وأخذ الناس على الظنة والتهمة وحبسهم ودس إليه الرجال سرا ، وبذل الأموال الكثيرة لهم ، وأنفذ إليه إذا أظهرت نفسك أعطيتك من الدنيا في كلام نحو هذا (٢).
فأجابه عيسى بن زيد فإذا أنا لئيم الأصل ودنيء الهمة (٣) أبيع آخرتي بالدنيا الفانية ، وأكون للظالمين ظهيرا ، والعجب منك ومن فعلك تطمع فيّ وأنت تعرفني.
وكان عليهالسلام يقول : ما أحب أن أبيت ليلة وأنا آمن منهم وهم آمنون (٤) مني.
وكان عليهالسلام يروي الناس الأحاديث ويفتيهم وابنه الحسين بن عيسى بن زيد أحد العلماء يروي عن أبيه ، وأحمد بن عيسى كان صغيرا لم يرو عن أبيه شيئا ، وهو من أحد الفاضلين.
وكان لعيسى بن زيد دعاة في جميع الآفاق في كور العراقين (٥) والحجاز وتهامة والجبال ، ووجه إلى مصر والشام دعاته ، وطار صوته في الآفاق ، وهمّ بالخروج غير مرة ، فلم يتيسر له ذلك ، إلى أن مات أبو الدوانيق في سنة مائة وتسع وخمسين ، فهمّ عيسى بن زيد بالخروج ، واشتد الطلب له بالكوفة والبصرة من ابن أبي الدوانيق ، وبذل الأموال الكثيرة ، ودس (٦) إليه الرجال وحبس خلقا كثيرا منهم.
وهمّ عيسى بن زيد بالخروج إلى أرض خراسان فوافى الري فلم يتهيأ له وانصرف إلى
__________________
(١) نهاية الصفحة [٢٨٥ ـ أ].
(٢) انظر : مقاتل الطالبيين ص (٣٤٨ ، ٣٥٥).
(٣) في (أ) : روي النعمة.
(٤) في (أ، د) : يأمنون.
(٥) في (ب ، د) : في الكوفة والعراقين.
(٦) نهاية الصفحة [٢٨٦ ـ أ].