الأهواز ، وكان أكثر مقامه بها ، وانصرفت دعاته ببيعة الناس من كل بلد ، وكان له جميع الآلة من الأسلحة والدواب ، وأخذ من أصحابه الميعاد ليوم كذا وكذا فدس إليه ابن أبي الدوانيق رجلا من أصحابه ، وبذل له سني الأموال مقدار مائتي ألف درهم ، وضمن له نفيس الضياع ، وعجل المال ، فأنفذ إليه (١) شربة سم فجعله في طعامه وهو بسواد الكوفة مما يلي البصرة ، فسقاه ، فمات من ذلك صلوات الله عليه في اليوم الثالث ودفن سرا لا يعلم قبره (٢) ، وذلك في سنة ست وستين ومائة في شهر شعبان (٣).
وكان عزمه عليهالسلام على الخروج في غرة شهر رمضان (٤) ، وهو يومئذ ابن خمس وأربعين سنة ، وكان قد بويع وهو ابن ثلاثين سنة ، وقد خالطه الشيب ، وكان لا يختضب ، وكان مربوعا من الرجال عريض ما بين المنكبين صبيح الوجه ، أعلم رجل كان في زمانه ، وأزهدهم ، وأورعهم ، وأفقههم وأسخاهم ، وأشجعهم ، وكان من أئمة الهدى صلوات الله عليه.
ومات ابن أبي الدوانيق لعنه الله في سنة سبع وستين ومائه بعده بأقل من سنة (٥).
وكان الأمر من بعده إلى من هو شر منه موسى أطبق ، وقتل موسى هذا جماعة من بني الحسن والحسين من العلماء والأخيار زيادة على عشرين رجلا ، فقتلهم جميعا في أيام ولايته (٦) لعنه الله (٧).
__________________
(١) في (أ، د) : وأنفذ.
(٢) في (أ، ب ، د) : لا يعرف قبره.
(٣) انظر : المقاتل ص (٣٤٢ ـ ٣٦١) ، وانظر الفهرس ص (٦١٦).
(٤) في (أ، د) : في غرة رمضان.
(٥) توفي المهدي سنة (١٦٩ ه) ، نقله الطبري (٦ / ٣٩٤) ، وابن الأثير (٥ / ٧١) ، وأغلب من صنفوا في كتب السير والتراجم.
(٦) نهاية الصفحة [٢٨٧ ـ أ].
(٧) انظر : مقاتل الطالبيين ص (٣٦٤ ـ ٣٨٥).